احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.
متابعة : عبد الجليل أبوعنان
نورة المنعم : إن الملاحظ بشكل عام أن مشاركة المرأة في الاستحقاقات الانتخابية التي جرت يوم الأربعاء 8 شتنبر2021 تميزت بالضعف ،حيث كان حضور المشاركة النسائية محتشما رغم كونهن يمثلن نصف الناخبين والناخبات، وهذا ما يطرح أكثر من سؤال حول هذه المسألة، وبالتالي يجب مساءلة النظام العام للانتخابات والأطر التشريعية والقانونية، وكذلك مستوى البنى التنظيمية والثقافية ويسائل بالأساس استمرار الصور النمطية المكرسة للتمييز ضد المرأة ، ويتعين الإشارة أيضا إلى النقص الحاد في الموارد المالية، والفقر والنقص في التعليم وغيرها، ويجب التأكيد على أن الثقافة الحزبية تهمش المرأة ابتداء من الترشيح إلى تحمل المسؤولية على مستوى المجالس، وبالتالي عدم منحها لكافة حقوقها السياسية، وقد سبق لنا أن وجهنا في فيدرالية رابطة حقوق النساء انتقادات شديدة إلى رؤساء المجالس الجماعية بجهة بني ملال خنيفرة المنتخبة، بشأن إقصاء النساء من التمثيلية داخل تشكيلة مكاتب المجالس بالرغم من أن مقتضيات الدستور تحث على دعم التمثيلية للنساء في مناصب المسؤولية خاصة بمجالس الجماعات والجهات. و قد كشفت نتائج الانتخابات التي جرت يوم 8 شتنبر عن فوز عدد من المترشحات سواء محليا أو جهويا، لكن على مستوى تحمل المسؤولية نجد حضورهن ضعيفا ، للأسف تم التحايل على مستوى تحمل المسؤولية سواء على مستوى الرئاسة أو على مستوى الإنابة عن طريق الضغط على المترشحات بتقديم التنازلات في محاضر تثبت عدم رغبتهن في عدم تحمل المسؤولية أو عدم استشارتهن، وهذا يعتبر تراجعا وضربا للمسار النضالي للحركة النسائية وإخلالا بمقتضيات الدستور، وبالتالي إصرار العقليات الذكورية على حصر المرأة في الأدوار الاجتماعية فقط ، ابتداء من تهميشها داخل الأحزاب السياسية نفسها وعدم منحها لحقوقها السياسية كاملة، وخصوصا أن الملاحظ بشكل عام عدم ترشحها كوكيلة بالجزء الأول، وتواجدها الضعيف أو في المراتب الأخيرة بلائحة الجزء الأول، عدم وضع صورها، تعرضها لمجموعة من المضايقات بما يتعلق بوضعيتها العائلية أو شكلها، وكذلك تعرضها إلى العنف المبني على النوع باعتبارها امرأة، وفي غالب الأحيان هي مسألة تأثيث لا غير . و رغم مطلبنا الى جانب العديد من الفعاليات الحقوقية والسياسية والنسائية حول المناصفة في أفق المساواة ، فقد أظهرت نتائج الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة بأننا لا زلنا بعيدين بمسافة كبيرة عن تحقيق المناصفة، وبالتالي كنا نطالب بها، وبتنا نطالب باحترام القوانين التنظيمية واقتراحات الأحزاب في تمثيلية النساء المنتخبات داخل المجالس بنسبة الثلث، والتي لم تحترم للأسف. و لتحقيق المناصفة داخل المجال السياسي، نحتاج إلى بناء ثقافة مجتمعية داعمة للمشاركة السياسية، واعتبار المناصفة ضرورة فعلية للمساواة، وبالتالي مناهضة الصور النمطية المكرسة للتمييز، وتفكيك هذا الخطاب التمييزي عبر رفع الحواجز الثقافية والأسباب الموضوعية التي تعيق التمكين الاقتصادي والسياسي للمرأة، وتشجيع ولوج المرأة للولايات الانتخابية بما فيها الهيئات المهنية، وبالتالي وصولها الى مراكز القرار. كما أشير الى أن العديد من النساء صرحن للأسف بأنهن تعرضن لضغوطات كبيرة خلال هذه الانتخابات من أجل التأثير على تصويتهن في المجالس أو مشاركتهن في تحمل المسؤولية، وصلت حد ” التهديد بالقتل “، (حسب الاتهامات التي أدلت بها بعض المرشحات في الرباط ومدن أخرى)، وهناك من النساء من صرحن أنهن أجبرن على توقيع تنازلات تفيد بعدم قدرتهن على تحمل المسؤولية ، فهذا في حد ذاته وضع خطير جدا، ونحن كفيدرالية رابطة حقوق النساء نندد به ونشجب كل هذه الممارسات، ونطالب بتطبيق القوانين الجاري بها العمل، فأسمى حق في الوجود هو الحق في الحياة، وعندما تتعرض النساء لهذه الضغوطات والتهديدات، ويعتبر أقصاها التهديد بالقتل، فعلى الدولة تحمل مسؤوليتها في هذا الجانب ، كما سجل بعض الملاحظين ما اعتبروه استغلالا تعرضت له صور النساء خلال أطوار الانتخابات، وكذا حملات تنمر على مواقع التواصل الاجتماعي، وصلت حد التحرش بهن والسب والقذف والاستهزاء من لباسهن، وغيرها من السلوكات التي تغذي خطاب الكراهية ضد المرأة و التنمر عليها الذي هو نابع من الخطاب التمييزي المكرس للصور النمطية، فهو عنف مبني على النوع، ويعتبر عنفا نسقيا رمزيا يمارس ضد النساء لكونهن نساء، تعانين منه كجنس، وهو متجذر في المجتمع الأبوي، وتتعرض له النساء بقدر أكبر، بسبب التمييز الجنسي المؤسس والمكرس للنظرة الدونية لأدوار النساء في الثقافة الأبوية والموروث تاريخيا. وله تجليات عديدة من خلال ممارسة كل أشكال العنف من ضمنها العنف الالكتروني، هاته السلوكيات التي مورست ضد المترشحات أثناء الحملة الانتخابية، وكذا يوم الاقتراع وخلال تشكيل المكاتب. فالدعوة ملحة إلى ضرورة التطبيق الصارم للقانون والكثير من العمل الجدي، خاصة فيما يتعلق بالجانب الثقافي بالدرجة الأولى لاجتثاث التمييز من كل النواحي، وبالتالي تظافر الجهود بين مختلف المؤسسات لتفعيل مضامين الدستور والقضاء على كل أشكال التمييز ضد النساء.