الغابة بين رهان الاستدامة وصمت المعنيين: ندوة على ضفاف أكلمام أزكزا تثير أسئلة الغياب والتجاهل

0 1٬423

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

– مراسلة خنيفرة.. فلاش24.

في زمن يتزايد فيه القلق بشأن التغيرات المناخية، وتتعالى فيه الأصوات المنادية بحماية الثروات الطبيعية، انعقدت يوم السبت 19 يوليوز 2025، ندوة وطنية تحت عنوان “الغابة ورهان الاستدامة”، على ضفاف بحيرة أكلمام أزكزا، المنطقة التي تحمل رمزية إيكولوجية رفيعة داخل الأطلس المتوسط، وتتوفر على موارد طبيعية ذات قيمة استراتيجية، أبرزها الغطاء الغابوي الكثيف وأشجار الأرز المعمرة.

 

الندوة، التي نظمتها جماعة أكلمام أزكزا والمركز الأفرومتوسطي للتفكير والدراسات القانونية والسوسيو اقتصادية، بشراكة مع مختبرات جامعية ومراكز بحثية من فاس وتازة، جاءت في سياق وطني ودولي حساس، غير أن تنظيمها تم في أجواء اتسمت بالسرية غير المفهومة، وغياب إشعار رسمي أو إعلان موسع، ما جعل عددا من الفاعلين في مجال البيئة وحقوق الإنسان يتساءلون عن دواعي هذا التعتيم، خاصة أن الموضوع يلامس واحدا من أكثر الملفات حساسية : واقع الغابة المغربية ورهانات استدامتها.

 

رغم أهمية الموضوع، سُجل غياب شبه تام للفاعلين السياسيين، والمثقفين، والمجتمع المدني، خصوصا المهتمين بالشأن البيئي والغابوي، باستثناء حضور محتشم لبعض الأسماء. هذا الغياب لم يكن عرضيا في نظر المتتبعين، بل مؤشر على نية مبيتة لتفادي النقاش الحقيقي حول واقع الغابة، ومداخيلها، والهجمة الشرسة التي تتعرض لها الأشجار، خاصة الأرز، بسبب الاستنزاف والتهريب والتواطؤات.

 

الغابة، التي من المفروض أن تكون رئة الوطن، تنهب في صمت. والمداخيل الغابوية التي تقدر بملايين الدراهم، لا تجد طريقها إلى تحسين ظروف عيش الساكنة المجاورة، التي تعاني الإقصاء والعزلة، والعطش في مناطق تعج بالينابيع.

الندوة، رغم إشراف أسماء أكاديمية وبحثية على تأطيرها، افتقدت إلى الحوار العمومي الجريء، الذي من شأنه أن يعيد الاعتبار لمفهوم “الاستدامة” كرهان وطني. فحين تغيب أصوات المجتمع المدني الحقيقي، ويقصى الفاعل البيئي والحقوقي، لا يمكن للحدث أن يتجاوز حدود التمرين النظري.

 

توصيات الندوة، في ظل هذه الشروط، لا تحمل وزن التأثير المطلوب، ولا تعكس فعليا تطلعات الساكنة المحلية التي تعرف أكثر من غيرها حجم الأضرار التي لحقت بالغابة، ولا تجد من يدافع عن حقها في الاستفادة من هذه الثروة الوطنية.

 

غابات الأطلس المتوسط، التي تعد من بين أجمل الغابات المتوسطية وأكثرها تنوعا بيولوجيا، باتت مهددة بفعل عوامل عديدة، أخطرها الصمت المؤسسي، وتغييب الحوار، وانعدام المقاربة التشاركية. وإذا لم تتخذ خطوات عملية، وإشراك المعنيين الحقيقيين، فإن النتيجة الحتمية ستكون فقدان هذه الثروات للأبد.

 

إن تجاهل الفاعلين المحليين، وتهميش النقاش الحقيقي حول مصير الغابة، لا يخدم سوى أجندات ضيقة، ويفتح الباب أمام تفاقم أزمة الثقة بين المواطن والمؤسسات. ومن هنا، فإننا نوجه دعوة صريحة للجهات المسؤولة والمعنية بالشأن البيئي والغابوي، للتدخل العاجل، وفتح تحقيقات شفافة، وإشراك كل الفاعلين في بلورة سياسة غابوية عادلة ومستدامة.

 

الغابة ليست مجرد أشجار، إنها ذاكرة وهوية ومصدر عيش. وإنقاذها لا يحتاج فقط إلى مؤتمرات ونقاشات، بل إلى إرادة حقيقية، وإشراك جماعي، وقرارات جريئة، قبل أن نصحو على فراغ بيئي لا يعوض.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.