حبيبة الحسناوي.. أول امرأة ترأس جماعة ترابية بإقليم شفشاون،ولمثلها يقال إمرأة بألف رجل
المراسل أبو إلياس
بكل ثقة وإصرار وتطلع إلى مستقبل زاهر، تعتزم الشابة حبيبة الحسناوي، التي انتخبت الأسبوع الماضي رئيسة لجماعة بني صالح بإقليم شفشاون، أن تجعل من منطقتها مثالا نموذجيا للتنمية القروية، خدمة للساكنة وسعيا لتوفير الخدمات الأساسية.
وفازت حبيبة الحسناوي برئاسة الجماعة بعد تساويها في الأصوات مع منافسها، حيث منحت الأفضلية للأصغر سنا، ليكون انتخابها لحظة فارقة في المشهد السياسي بالإقليم، خاصة في مناطقه القروية، التي ما زالت فيها النساء تحت وقع عادات اجتماعية وتصورات متقادمة.
وفي تصريح صحفي، أبرزت حبيبة الحسناوي، ذات 23 ربيعا والتي تقدمت للانتخابات باسم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أنها لم تشعر بأي خوف أو رهبة من المنصب، حينما تم إعلانها أول رئيسة جماعة ترابية قروية بإقليم شفشاون، مشيرة إلى أن رئاسة هذه الجماعة القروية كانت دوما حكرا على الرجال.
في هذا الإطار، أسرت المتحدثة “ربما شعرت بنوع من الارتباك، لكن قطعا ليس بالخوف، فالخوف مصطلح لا يوجد في قاموسي”، متابعة “يجب أن أكون على قدر المسؤولية المنوطة بي، وأنا كرئيسة جماعة، محاطة بأعضاء ونواب هم خير دعم وسند في هذه المهمة”.
وقدمت حبيبة الحسناوي إلى السياسة بعد دراسة جامعية في الاقتصاد تمكنت من خلالها فهم لغة الأرقام، لكن مسارها انطلق قبل ذلك بسنوات حينما كسرت القيود وتمردت على المألوف في منطقة معزولة جغرافيا واقتصاديا، حيث قررت مواصلة مشوارها الدراسي بعيدا عن قريتها، فتكبدت مشاق الدراسة الإعدادية والثانوية بباب تازة ثم بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان.
وأضافت دخولي إلى الحياة السياسية، وخصوصا بالعالم القروي، كان خطوة جريئة نوعا ما، فلم يسبق لعنصر نسوي أن انتخب على رأس جماعة بالإقليم، معتبرة أن الأمر يتعلق في واقع الأمر بقفزة نوعية بالنسبة للمرأة، والفتاة القروية خصوصا، لاسيما أن طموحي تحقق بداية بالظفر بعضوية المجلس الجماعي، ثم بالوصول إلى الرئاسة.
في منطقة قروية وجبلية بامتياز حيث العادات والتقاليد تقف، في أحايين كثيرة، عائقا أمام طموح الفتيات كما تسود صور نمطية تحصر دور المرأة في المنزل والحقل، تعتبر حظوظ الفتاة محدودة لكي تواصل دراساتها، فبالأحرى أن تصل وتنجح في رئاسة مجلس قروي منتخب.
وقالت “لن أخفي عليكم، رئاسة الجماعة كان واحدا من طموحاتي”، مؤكدة “كنت دوما أحلم بأن أقوم بشيء يشرف عائلتي بعد إتمام الدراسة، أن أساهم في تنمية المنطقة حيث ولدت وترعرعت، وأساعد الناس الذين كبرت بينهم”.
بمعية كافة الشركاء، من هيئات رسمية وسياسية ومدنية، ستعمل هذه الشابة الطموحة، التي تسعى لترك بصمتها في الساحة السياسية بإقليم شفشاون، على وضع وتنفيذ برنامج متكامل واضح المعالم لتأهيل جماعة بني صالح والنهوض بالخدمات المقدمة للساكنة، يقوم على فتح مسالك طرقية جديدة، وفك العزلة عن الدواوير، والمساهمة في تأهيل المؤسسات التعليمية، وتهيئة السوق الأسبوعي وتجهيزه لإنعاش الاقتصاد المحلي.
كما تطمح إلى بذل كل الجهود الممكنة للنهوض بالخدمات الأساسية، خاصة الصحة والتعليم ومحاربة الهدر المدرسي وتعزيز النقل المدرسي بدواوير الجماعة وتقوية شبكة الإنارة العمومية بمركز الجماعة والقرى التابعة لها.
وصول فتاة إلى رئاسة الجماعة يعتبر مناسبة من أجل تعزيز حضور النساء في هيئات تدبير الشأن العام على مستوى الجماعة الترابية بني صالح، حيث انتخبت فوزية أكدي نائبة رابعة للرئيس، كما سيتم الحرص على تخصيص تمثيلية للنساء أثناء تشكيل اللجان الدائمة للمجلس.
وترى حبيبة الحسناوي أن الفتاة القروية، التي تعيش في بيئة تحد من قدراتها وتقلص من سقف طموحاتها مقارنة مع أقرانها الذكور، يتعين أن “تركز على التعليم، فهو كفيل بأن يعطيها قفزة نوعية وجرأة لمحاربة كل فكر يحط من قدرة المرأة”، مبرزة أنه على الفتيات إثبات قدراتهن من خلال الحرص على مواصلة التعليم في كل المستويات، وفي برامج محو الأمية بالنسبة للنساء، وأيضا عليهن الدفاع بقوة عن حقوقهن لمواصلة طريقهن لتحقيق طموحاتهن.
هو موقف جاء بناء على تجربة ذاتية لهذه الفتاة التي تنحدر من عائلة محافظة أبا عن جد من منطقة بني صالح، فهي و إخوتها الستة حرصوا على مواصلة الدراسة الجامعية بفضل توجيه من الأب الحاصل على شهادة التعليم الابتدائي، وأم حنون على قناعة بأن الدراسة مفتاح المستقبل، و إن لم يكن لها حظ في التعليم.
الوصول إلى رئاسة الجماعة لن يغير في طباعي شيئا، فالمسؤولية تكليف قبل أن تكون تشريفا – تعلق حبيبة الحسناوي – لكن على كل الفرقاء الاجتماعيين والسياسيين بجماعة بني صالح وضع اليد في اليد والتعاون من أجل تحقيق إقلاع تنموي كفيل بانتشال المنطقة من الهشاشة والتهميش.