توضيح لابد منه حول دعوة جلالة الملك لفتح الحدود مع الجارة
بقلم الدكتور محمد الغالي أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري ، مدير مختبر الأبحاث القانونية وتحليل السياسات، جامعة القاضي عياض مراكش.
حتى لا تنفرد التأويلات المذمومة بتفسير مضامين الخطاب الملكي وتحريف محتواه في الإتجاه الذي يخرج مناطه عن ما فيه الخير المشترك للشعبين المغربي.والجزائري.
دعوة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 22 لعيد العرش وما لذلك من أبعاد تاريخية ورمزية ووجدانية الى الحاكمين لدولة الجزائر بفتح صفحة جديدة تقوم على الثقة والحوار وحسن الجوار، ليست دعوة مجانية هدفها التودد، أو اعتراف بخطيئة من أجل صفح فاقد للأصل و الهوية، أو خطاب للاستهلاك الإعلامي أو غيره، كما حاولت أقلام غير بريئة ليس لها من هدف سوى إدامة الأزمة بين دولتي المغرب و الجزائر والاسترزاق على آلام الشعوب و معاناتها، بل نابع من الإلتزام الصادق للمؤسسة الملكية في المغرب وإلتزامها من أجل الخير المشترك لشعوب المنطقة، وإنعاش آمالها وتطلعاتها المستقبلية. و هكذا تكريس تأويل منحرف و مغرض لمضامين الخطاب الملكي بمناسبة هاته الذكرى في الاتجاه المذموم و الغير المحمود..
فالدعوة الملكية لها أبعاد استراتيجية تتعلق بالتحولات الجيوسياسية المستجدة التي تعرفها المنطقة المغاربية، و التي يتطلب مواجهتها تظافر وتعاضد و التقائية جهود مختلف الأطراف المعنية بشكل مباشر و منها دولة الجزائر. فالمملكة المغربية بالنظر الى مسؤولياتها التاريخية و عمقها الاستراتيجي لا ترغب في وضع استراتيجية متفردة لحماية أمنها القومي في مختلف مستوياته الأقتصادية و الجغرافية و العسكرية و غيرها، وقد أثبتت التطورات الأخيرة إثر إندلاع أزمة الكركرات أن المملكة المغربية قادرة على ذلك. ولكن المملكة المغربية مقتنعة بأن حماية الأمن القومي لشعوب المنطقة المغاربية في اطار قيم التضامن و الفعالية والنجاعة رهين بتعاون جميع الدول في اطار منظومة متكاملة ومندمجة للأمن القومي الجماعي، وعليه الفرصة قائمة بقوة الآن لسلك هذا الإختيار والعمل المشترك عليه. وإلا ستتحول هاته الفرصة في المستقبل المتوسط الى مخاطر و تهديدات سيصعب إن لم نقل يستحيل دفعها و اتقاء تداعياتها المدمرة.
ومادامت المملكة المغربية واعية كل الوعي بمدى هاته التحولات وأثرها في المدى المتوسط والبعيد فإنها لا يمكنها أن تبقى حبيسة عقيدة الإنتظارية بل ستتحرك بشكل فردي وما ذلك عليها بعزيز، و مع من يستوعب آفاق و فرص دعوتها للتقارب والعمل المشترك في إطار قواعد حسن الجوار لكن دون أن تلام على ذلك و هي السباقة و المبادرة الى دعوة المعنيين بضرورة العمل المشترك الآن وليس غدا من أجل خير شعوب المنطقة وإنعاش آمالها وتطلعاتها المستقبلية، وعليه إذا لم يستطع الحاكمون في الجزائر مرة أخرى التغلب على مختلف العوائق خاصة الذاتية من خلال مختلف الصور النمطية ومختلف الأحكام والقوالب المرجعية الجاهزة (Des Stéréotypes)، فإنهم لن يستطيعوا اكتساب المناعة الضرورية لقبول مثل هذا النوع من الدعوات و المبادرات الى العمل المشترك في اطار قواعد حسن الجوار و وحدة المصير المشترك..
.