“طحن الورق” يثير العاصفة… تصريح برلماني يشعل الجدل حول جودة الدقيق المدعم بالمغرب
نجيب اندلسي
لازال الرأي العام المغربي يتدوال بقوة،التصريحات الآخيرة التي فجر من خلالها البرلماني البامي أحمد التويزي مفاجأة مدوية حينما كشف عن معطيات خطيرة، تتمحور حول اتهام المطاحن بـ”طحن الورق” وخلطه بالدقيق ،خصوصا النوعية المدعمة الموجهة للفئات الهشة الفقيرة ، حيث أكد التويزي في تصريحاته أمام لجنة المالية، أن بعض الشركات المكلفة بإنتاج هذا الدقيق لا تستعمل الحبوب كما يجب، بل تعمد إلى طحن مواد غير صالحة للاستهلاك من بينها الأوراق، قبل إعادة بيعها للفقراء على أنها دقيق مدعم، في الوقت الذي تحصل فيه على دعم مالي ضخم يصل إلى 16 مليار درهم سنويا دون حسيب أو رقيب.
المتحدث أشار أيضا إلى أن الكثير من المناطق المغربية تتوصل بدقيق لا يمكن للإنسان العادي أن يأكله بسبب رداءة جودته، في ظل غياب شبه تام للمراقبة الصحية والإدارية المفروضة على هذا القطاع الحيوي، الذي يرتبط مباشرة بقوت الأسر البسيطة وحقها في غذاء سليم.
هذه الاتهامات أعادت إلى الواجهة مطالب متجددة بضرورة:
إعادة تقييم منظومة الدعم الموجه للدقيق
فتح تحقيق وطني عاجل لمحاسبة المتورطين في إفساد قوت المواطنين إن صح ذلك.
فرض مراقبة صارمة على مطاحن الدقيق وشبكات التوزيع.
ضمان جودة المواد الغذائية التي توجه إلى الفئات الهشة.
ويضيف مهتمون أن قوت المغاربة ليس مجالا للمقامرة ولا للتربح غير المشروع. والكرة اليوم في ملعب المؤسسات الرقابية والحكومة لتوضيح الحقيقة واتخاذ الإجراءات اللازمة صونا لصحة المواطنين وكرامتهم
لكن يبدو أن التويزي شعر بنوع من الريبة والتسرع في تصريحاته فسارع إلى تدارك الموقف بتوضيح أغرب من التصريح نفسه، زلة أقبح من العذر،حيث زعم أن كلامه مجازي و المقصود به هو “التلاعب في الفواتير”! وهي سابقة في القاموس السياسي المغربي أن يتحول “طحن الورق” إلى مرادف للفساد الإداري.
ورأى متتبعون أن هذا الخطاب لا يمكن تصنيفه إلا ضمن التضليل ومحاولة الالتفاف على الرأي العام، ويُعتبر خطابا غير مسؤول خلق ضجة وفتنة لا داعي لها.
وكان الأجدر بالبرلماني البامي أن يعتذر للمغاربة عوض إصدار بيان فيه تلاعب بالكلمات وابتعاد عن معالجة الموقف بشكل أكثر واقعية.
من جهة أخرى اعتبر تنظيمان مغربيان يهتمان بحماية المستهلك والدفاع عن حقوق الإنسان أن ما كشف عنه أحمد التويزي رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أمس الثلاثاء، بشأن طحن شركات الورق وتقديمه كدقيق مدعم “للفقراء” المغاربة، يستدعي “تحقيقا رسميا من النيابة العامة، لا سيما أن هذه الممارسات، إن صحت، تمس جوهر العدالة الاجتماعية وكرامة المواطن”.
اتهامات التويزي واجهتها الفيدرالية الوطنية للمطاحن، “برفض واسع”؛ غير أن التنظيمين المدنيين أكدا أن هذه الاتهامات تعيد إلى الواجهة مطلب إعادة النظر، بشكل جذري، في منظومة مراقبة وتوزيع الدقيق المدعم بالمغرب.
إذن هي تصريحات خطيرة من طرف مسؤول منتخب يرى أغلبية الرأي أنها توجب المساءلة والمتابعة والبحث والتقصي وأن لا تمر مرور الكرام..كيف لا ومجرد تصريح لقاصر أثناء الاحتجاجات الأخيرة قاله على سبيل البسط وأودى به للسجن،فبالأحرى تصريح مسؤول يخص صحة ملايين المغاربة…