تاونات.. حين يتحول تسيير الإقليم إلى “تدبير الملل”!
عادل عزيزي
في الوقت الذي تتحرك فيه عجلة التنمية عبر ربوع الوطن، يبدو أن إقليم تاونات قد اختار، أو أُجبر، على البقاء في خانة الانتظار.
فبين مشاريع متوقفة أخرى متعثرة، ومرافق كانهار اطلال من الماضي، وخدمات أساسية غائبة أو شبه مشلولة، لم يعد في جعبة المنتخبين والمسؤولين بالإقليم ما يُقنع الساكنة سوى الصمت… وتدبير الفراغ.
المفارقة الصادمة أن إقليماً كتاونات، بحمولاته التا يخية، وثقله الديموغرافي والجغرافي، وبما يزخر به من مؤهلات طبيعية وبشرية، لا يزال يعاني من مشكلات بدائية في 2025. ماء الشرب، وهو أبسط الحقوق، ما زال غائباً عن عشرات الدواوير في جماعات.
المستشفى الإقليمي، رغم كونه مرفقاً مركزياً، يئن تحت وطأة الخصاص الفادح في الموارد البشرية والتجهيزات، مما يدفع المرضى إلى شد الرحال نحو فاس أو الموت في صمت..
الطرق، وهي شرايين الحياة، تحولت إلى كوابيس يومية للمواطنين، خاصة في المناطق الجبلية..
مشاريع فك العزلة، التي تُكرّر في الاجتماعات، لا تغادر الورق..
أما الشباب، فقصتهم مع الإقليم تنتهي في المحطة الطرقية، في اتجاه مدن “الحلم” أو عبر بواخر “الموت”بحثاً عن كرامة مهدورة و مستقبل غامض..
والسؤال الذي لم يعد بالإمكان كتمه: ما الذي يفعله المنتخبون والمسؤولون إذن؟ هل تحولوا إلى مجرد مدبرين للملل الإداري؟ لماذا يغيب عن الساحة صوت المبادرة، ولماذا تتقاعس المجالس الجماعية عن لعب دورها الحقيقي في الضغط، المطالبة، والإبداع؟
السلطة الإقليمية، وإن كانت تتحرك في بعض الملفات، إلا أنها لا يمكن أن تقوم مقام كل المؤسسات المنتخبة. كما أن الشراكات مع مجلس الجهة أو القطاعات الوزارية، ما زالت رهينة وثائق وتصاميم تُستعمل لتزيين الرفوف أكثر من تحريك الورش.
لقد آن الأوان لوقفة صريحة، ليس فقط للمساءلة، بل للمحاسبة والمراجعة؛ فأبناء تاونات لم يعودوا يطلبون المستحيل، بل مجرد الحق في العيش الكريم، والبنية التحتية الأساسية، وخدمات عمومية تحفظ كرامتهم.
فهل ينهض المسؤولون من سباتهم؟ أم أن إقليم تاونات سيبقى إلى إشعار آخر، مجرد عنوان كبير لتدبير الملل؟