إقليم تاونات.. قطاع الصحة مريض، يحتاج إلى طبيب
عادل عزيزي
لا يمكن الحديث عن إقليم تاونات دون ذكر ما تعانيه هذه المنطقة من هشاشة كبيرة حالت دون وصولها إلى ركب التنمية مقارنة مع باقي أقاليم المملكة.
وإذا كان الركود التنموي لتاونات يطغى على أكثر من مجال، فإن الصحة تعتبر القطاع الأبرز نظرا لما تعيشه خدماتها من ضعف كبير دفع السكان إلى خوض العديد الاحتجاجات كانت أقواها سنة 2017 بعد تسجيل وفاة امرأة حامل نتيجة الإهمال الطبي، لكن دون جدوى.
واقع صحي “مريض”، ذلك ما تعيشه أغلب المراكز الصحية العمومية بمختلف مناطق إقليم تاونات، بل كذلك المستشفى الإقليمي، ساءت فيه الخدمات الصحية المقدمة إلى المرضى، وبات ينذر بالخطر، ويستدعي تدخلا من جميع المتدخلين لإصلاح المنظومة على المستوى الإقليمي.
المستوى المتدني للخدمات الصحية، والاكتظاظ داخل المؤسسات الصحية، وطول الانتظار بخصوص المواعيد، ونقص الأدوية، وغياب التخصصات الطبية، والنقص الفادح في الأطر الطبية وشبه الطبية، هي بعض المشاكل التي تعانيها أغلب المؤسسات الصحية العمومية بإقليم تاونات، التي تعاني من بنية تحتية مهترئة، ومن غياب التجهيزات الطبية، ناهيك عن الفقر وصعوبة التضاريس وقلة وسائل النقل وغياب سيارات الإسعاف.
كلها عوامل زادت في تعميق الجراح، وغياب مراكز الولادة بمختلف جماعات الإقليم، وحتى إن وجدت فمهمتها تنحصر في كتابة ورقة وتوجيه الحامل نحوى المستشفى الإقليمي بتاونات الذي يعد محطة عبور الى فاس، بالإضافة إلى مستوصفات مهمشة وأخرى مهجورة توجد بناياتها وسط قرى نائية، بعد إنشائها مند بضع سنوات على أساس أن تقدم أبسط الخدمات الطبية للمواطنين، فقد ظلت أغلب هذه المستوصفات فارغة من أبسط التجهيزات، ولا يشرف عليها أحد من الأطر الطبية، بينما تحولت أخرى إلى أطلال تحت واقع الإهمال والتخريب .
يتموقع إقليم تاونات، في خانة بعيدا كل البعد عن المؤشرات الوطنية والجهوية، فإذا كان عدد السكان لكل طبيب هو: 1630 على المستوى الوطني و4024 على المستوى الجهوي، فإن هذا العدد بإقليم تاونات يصل الى 7255 نسمة، ونفس الشيء يقال عن الممرضين حيث يصل عدد السكان لكل ممرض على المستوى الوطني الى 1109 نسمة وجهويا يرتفع هذا الرقم الى 1314، بينما على مستوى تاونات يصل العدد إلى 2336 نسمة، أما بخصوص الأطباء المختصين سواء التابعين للقطاع العام أو الخاص فالمعدل الوطني هو 5805 نسمة والجهوي 15720نسمة بينما يصل المعدل الإقليمي الى حوالي 40118 نسمة لكل طبيب مختص.
يتواجد بإقليم تاونات مستشفى إقليمي و مستشفى للقرب، المراكز الصحية 78 مركزا، الأطباء 75 طبيبا، الممرضون 460 ممرضا، الأطر الإدارية 80 إطارا.
إن قطاع الصحة بإقليم تاونات يدق ناقوس الخطر، بسبب استمرار تردي الأوضاع الصحية، وغياب أي أفق للإصلاح، فهذا القطاع يحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة حتى يتمكن من مواكبة التطورات التي يعرفها هذا الميدان في المدن المغربية الأخرى على الأقل.
فصحة المواطن حق طبيعي، منذ ولادته إلى مماته وضمانها واجب على الدولة والمجتمع، فهي ليست منة من أحد، أو نتاج عمل خيري، أو تدخل سياسي، أو رشوة ندفعها لعامل صحي مات فيه ضميره، إنها كرامة الإنسان التي يجب أن توفرها الدولة للمواطن.
إن الوضع الصحي بالإقليم ككل في تراجعه مستمر بسبب تراجع عدد العاملين وتنقيل الأطر الطبية وشبه الطبية دون تعويضهم، بالإضافة الى الضعف الشديد في الخدمات الصحية والتجهيزات الضرورية أمام تزايد الحاجيات وإعداد المواطنين.
واقع مر، ذلك الذي تجده الأطر الطبية والشبه الطبية إذ أن كل المراكز الصحية بالمنطقة تفتقر لأبسط وسائل التشخيص، اذ لم يجد امامهم سوى مكاتب مهترئة، أما شح الدواء فيبقى السبب الرئيسي لغليان الساكنة، مما يعرض الشغيلة الصحية لانتقادات واسعة على أن الوزارة هي المسؤولة أساسا على ذلك.
فمتى سيتدخل وزير الصحة لوضع حد لمعاناة المرضى خاصة الحوامل؟ وما هو سر سكوت المسؤولين على هذه المعضلات المقلقة التي لا تخدم مصالح المواطنين ولا تتماشى مع مقتضيات الدستور الجديد المتعلق بالحق في العلاج والتطبيب؟ ومتى تنتبه وزارة الوصية للتراجع الحاد في قطاع الصحة وتعمل على تصحيح الخلل الكبير وتوسيع العرض الصحي لما يتماشى والحقوق البسيطة للمواطنين؟