فلاش24 – محمد عبيد/كاريكاتور: محمد أيت خويا (قلعة مكونة).
الاستجواب الصحفي الأخير (باللغة الفرنسية ) الذي تحدث فيه المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي،، عن أزمة عيش يصادفها المغاربة جراء ارتفاع الأسعار واستمرار الحكومة في تجاهل الأوضاع المعيشية للشعب المغربي خاصة منه من ذوي الدخل المحدود أو من دون دخل قار، يدق أكثر من ناقوس خطر، ويكشف بالملموس والمعطيات الدقيقة، أننا بصدد الانتقال من مرحلة الخصاص التنموي والتفاوت الطبقي، إلى مرحلة جديدة عنوانها الاندحار الجماعي لجميع الفئات الاجتماعية (باستثناء الفئة الناجية العليا).
ويكشف الحوار على أن الأزمة التي نعيشها حاليا ليست عابرة ولا ظرفية، وما نسميه اليوم تضخما سوف يصبح أمرا واقعا دائما، أي أن مستوى الأسعار الحالية مستمرا وليس عابرا، والسبب ليس الأزمات الدولية ولا الجائحة، بل سوء التدبير والتخطيط الذي قاد البلاد والعباد إلى تجفيف الموارد المائية وتحويل النموذج الإنتاجي في الفلاحة إلى مجرد حديقة خلفية للأجانب، مقابل تراجع الإنتاج الوطني الموجه لتلبية الحاجيات الداخلية.
إننا أمام إعلانات صريحة، قام بها مجلس المنافسة قبل الانتخابات الأخيرة، ويقوم بها بكثير من الصعوبة بنك المغرب، ويعلنها اليوم صريحة المندوب السامي للتخطيط، مفادها أننا أمام تدبير مناقض للمصالح الوطنية العليا، بل تدبير مخرّب ومدمّر للقدرات الوطنية، ومهدد للاستقرار والسلم الاجتماعيين، خاصة أن هذه الخرجات تؤكد أننا أمام حكومة تمارس الكذب الفاضح علينا وبشكل ممنهج.
تذكروا الفرضيات التي قدمتها الحكومة للقانون المالي للسنة الحالية، وكيف تم الإصرار على أننا سنحقق نسبة نمو تبلغ 4٪ وتضخما في حدود 2٪!؟… تذكروا كيف أن الحكومة بمختلف ألوانها السياسية ووجوهها الوزارية، تناوبت على تنويمنا بكون “التضخم مستورد” وأن ارتفاع الأسعار يعود إلى أزمة أوكرانيا وما بعد الجائحة!؟…
فها هو أحمد الحليمي يخبرنا بأقصى ما يمكن من صراحة أن التضخم محلي وليس مستورد، وأن سببه ضعف الإنتاج الداخلي وليس ارتفاع الطلب!؟..
وأن السبب الرئيسي للتضخم هو المواد الغذائية الأساسية (إذا كانت نسبة التضخم العام هي 10٪ فإن التضخم في المواد الغذائية يبلغ أكثر من 20٪)… كل ذلك والرجل الذي يترأس الحكومة هو الذي يشرف منذ 15 عاما على تنفيذ مخطط يصفه بالأخضر بينما نرى اليوم كيف أنه أسود!..
يُحكم التضخم وما يجره من ارتفاع في الأسعار، قبضته على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي لفئات عريضة من المغاربة، فلا يجتمع اثنان إلا وكان نقاش الغلاء ثالهما.
الحكومة مطالبة هذه المرة بالأخذ بجدية تصريحات الحليمي، خاصة وأن جل توقعاتها حول نسب التضخم والنمو كانت خاطئة.
وقد صارت تصريحات المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، تضع سياسات الحكومة للخفض من نسب التضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية في موضع ” الشك”، بعدما توقع أن تشهد هذه النسب استمرارية على المستويين البعيد والمتوسط.
وحيث استفحلت بشكل مثير حمى الأسعار، فبعد بنك المغرب حول التضخم والرفع من سعر الفائدة، خرج المندوب السامي للتخطيط عن صمته، داعيا الحكومة إلى التواصل مع الرأي العام، و إخباره أن ارتفاع التضخم والالتهاب القياسي للأسعار ناتج عن أزمة عرض وليس عن عوامل خارجية.
وفي الوقت الذي عبرت الحكومة عن عجزها في مواجهة الغلاء، كما جاء ذلك على لسان الناطق الرسمي باسمها، دعا المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، إلى ضرورة معاملة الرأي العام باحترام وإخباره بالحقيقة كما هي، حتى يكون واعيا بالإصلاحات التي يتعين القيام بها.
إن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب، الذي يواجهه المواطن وحيدا في غياب إجراءات حكومية ملموسة، وأمام صمت غير مبرر للنقابات في الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة، وتراجع صوت المعارضة بشكل ملفت، يعيد إلى الواجهة، ما سبق وأن قدمه الملك محمد السادس من انتقادات في مناسبات متعددة للطبقة السياسية، والذي كان أن وتساءل عن أنه “إذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟”، موجها خطابه إلى المسؤولين المغاربة بالقول: “كفى، واتقوا الله في وطنكم… إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا؟ فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون”. وأضاف الملك أن “هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، لأن الأمر يتعلق بمصالح الوطن والمواطنين… وأنا أزن كلامي، وأعرف ما أقول… لأنه نابع من تفكير عميق”.
وهذا ما يلمس بالواقع ويكشف على أن السلطات والأحزاب لم تعد قادرة على التنفيذ والإبداع في الاختيارات التنموية التي وجب ان تكون عموما صائبة، مما يفيد بأن المشكل يكمن في العقليات التي لم تتغير”.
هذه الحقيقة تتمثل في أن الارتفاع القياسي الذي يعرفه المغرب حاليا ليس ظرفيا، بل أصبح بنيويا، وعلى المغاربة التعود منذ الآن على المستويات التي تسجلها الأسعار، كما سبق وان أكد عليه المندوب السامي للتخطيط.
على المغاربة أن يستيقظوا قبل أن يتسع الخرق على الراقع… بلادنا ليست بخير ولا تتجه نحو خير… وما تبقى من أدوات المقاومة من داخل الدولة تبدو اليوم أضعف من أن تواصل الصمود، ولننظر إلى ما يحصل مع بنك المغرب وصرخة مندوبية التخطيط؟!!…
@ رابط استجواب أحمد الحليمي :
https://medias24.com/2023/03/26/exclusif-inflation-pour-ahmed-lahlimi-le-levier-monetaire-ne-resoudra-pas-le-probleme/