الوعي قد ينجيك من البرمجة والإسقاط.
إدريس بنيحيى
يقول عبدالوهاب المسيري :
(في المجتمعات الإستهلاكية يتم إغواء الإنسان بأن حقه الأساسي هو الإستهلاك،وأن إشباع اللذة هو أقصى تعبير عن الحرية الفردية.)
إن المتأمل لهذه المقولة سيجدها عميقة جدا،خصوصا في المجتمعات الإستهلاكية وهنا نقصد أساسا المجتمعات التي لا تنتج شيئا وتستهلك كل شيء عن قصد أو عن غير قصد، وسنحاول تحليل وتفكيك مقولة عبد الوهاب المسيري:
لا يخلو أي قرار سياسي،ولا ٱقتصادي،ولا ديني،ولا ٱجتماعي…من السياسي ورجال الأعمال ورجال الدين،فجل هؤلاء يسعون لٱستقطابك وبرمجة وعيك كل لفائدته،وقد يتفق
أحيانا كل هؤلاء حين تجمعهم المصلحة،وهنا لن يفلت المجتمع أبدا، ونصبح زبائن مفترضين لبضاعتهم.
فأمام هذا الواقع لاسبيل يعدو أهم وأعمق إلا التنوير والوعي بما يحملان من إستنارة ورقي وجمال،خصوصا في ظل عالم يعج بالأفكار المتطرفة والتي تعمل جاهدة من أجل البرمجة لصالح إيديولوجيات معينة تخدم مصالح وأجندات لا علاقة لها بالانسانية.وهنا نتكلم عن الفكر الذي يعمل على الرقي بإنسانية الإنسان ولا يكون بعيد عن ما نعتقده،بمعنى أننا نملك قرار نفسنا بأنفسنا بدون برمجة الشيخ في علاقته بالمريد.
وهنا سنعرج عن (جان بورديان)الذي يقترب رأيه من رأي(عبد الوهاب المسيري):وهو أن جميع المثل الليبرالية أصبحت مثلا ٱستهلاكية، فكما يسوق المنتوج،تنهج نفس المناهج لتسويق الأفكار.
لذا يجب أن نكون ونظل واعون في كل لحظة بما نستهلك من سلع وأفكار، وإلا صرنا مسلوبي الإرادة،مما سيدفعنا للإستهلاك بلا وعي فيختطفون إرادتنا ومن تمة مالنا،وذمتنا،ومشاعرنا.
وحتى لانكون ضمن مخطط أناس واعية لما تفعل بنا،وماذا تريد أن تصنع منا؟فالسبيل هو تفعيل الوعي لدينا،فاذا عشنا بوعي أصبحنا متفردون ولن يتحكم فينا أحد،ولن تسلب إرادتنا،لا منتجات،ولا مقالات، ولا صور ولا أفكار سالبة.
فالعيش بالوعي يجعلنا نستهلك ما نريد وكيف نريد،ويمنحنا ذوق خاص نابع من قرارنا وإرادتنا.
فهذا ما قد يجعلنا واعون وأحرارا وصعب تصنيفنا لأننا لا ننساق مع القطيع وورائه.
فبهذا قد لا نكون ضمن مشروع أي منهم سواء (الشيخ أوالسياسي أو رجل الأعمال).
فلا تستطيع العواطف المكانية ولا المذهبية ولا السياسية أسرنا،وبهذا نعدو متحررون ولا منتمون، وفكرنا ومبادؤنا إنسانية غير مقيدة،لأن القيود العاطفية هي ما يجعل الأخر يتحكم بنا،فكل خطط البرمجة قائمة على العاطفة حتى تسويق النعيم والعذاب!فالباب الوحيد للدخول الى جنة التفرد،والتميز عن القطيع هو الغوص بقرارة نفسنا لنعرفها أولا ونحترمها،فالتفرد يجعلنا نملك قرار نفسنا ولا تسلب إرادتنا،فلا يتلاعب بنا إشهار ولا فكرة رنانة،فكل هذا قد يجعلنا مستهلكون غير مسلوبو الإرادة لأننا تعيش بوعي،ونقرأ بوعي،وننظر بوعي،ونتعاطف بوعي،ونستهلك بوعي،لكي ننجو من أي تبعية فكرية، أو إيديولوجية،أو إقتصادية،أو سياسية.