صرخات في الزمن الميت؟

0 240

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

 

بوناصر المصطفى

 

في هذا الزمن الشفاف تسلطنت الصورة واختزلت كل الرسائل الموزونة على المقاس، بحيث لم يعد مجال للمرموز، تاه امامها لقلم واقتصر الورق رغم اناقته على التأمل وترتيب الافكار، لتشهد القيم سقوطا مدويا بقدرة قادر، هكذا تكسرت الحدود ودفن رصيدنا المجتمعي عنوة، لم يكن لنا عن هذا الرحيل خيارا اخر، تهنا في فضاءات بألوان كثيفة توثق حركاتنا وسكناتنا دون صد، أطلق العنان لارتجال المواقف وبلقنة الرؤى وصنع ابطال ونجوم اعمارها فرقعات صابون، باسم هذه الحرية الجارفة لم يعد للعقل والبصيرة مكان في الاعراب.

دون إدراك وفي لحظة تحول بنيوي بقي جيل الاستقلال رهين زمن المجادلات الأيديولوجية، سمح لظاهرة جيل عوضته دون استاذان، جيل رقمي عرف مخاضه في غرفات دردشة افتراضية، فأعطى اشاراته الأولى يوم 20 فب راير2010، جيل اهم ميزاته العزيمة والتكتم، واقعي بقوة الإرادة، كل صرخاته وتطلعاته يصنعان باعتماد ادوات تكنلوجية لصياغة لغة احتجاج على جداريات تخترق الحدود فتتحول هموما كونية، انها فئة رائدة ملتزمة بالهوية الوطنية تؤمن بحركية طويلة الأمد كي تحقق الكرامة والتنمية.

في هذا السياق أطلقنا الصرخات تلو الصرخات لا لكسب التأييد او استعطاف حصد التصفيق ورفع الرصيد، هي في الحقيقة نداء صادر من وجع عنيف جفت به احاسيسنا بعد طوفان هذا الجفاء العنيد لكن سوف نستثمر وعيا ناضجا اشمأز من مواقف اكتفت بالصمت في انتظار فرج من مهدي منتظر، او اعتماد رصد مزمن لمن ارتكن الى النهب وسلب الحقوق فاكتفى بالتنديد، او اختار متعة البكاء على اطلال بخطاب جامد يقتل الامل.

فاض الكيل وخرج حشد جيل غير مكترث بالكلام ورسم الاحلام أخيرا لم تكن لصرخات الزمن الميت صدى فاذا جاءت الحرية على ظهر الحصان في فرنسا فان التغيير قد حاصل بالذكاء الاصطناعي، لذا الواجب المستعجل ان نتسلح بالرشد في زمن سارت الحكمة مجرد لافتة وشهادة توزع بسخاء! فهل لنا القدرة ان نتجاوز كل كراسي الاعتراف كي نكون جميعا في انخراط تام لبناء ثورة ثقافية تعيد المثقف لمهمة النسج لرؤى استراتيجية حقيقية تلزمه اليقين لخطى مؤسسات سياسية، وتعيد المؤسسة المدنية لتتكتل لأدوارها الوطنية فهل من ضمير مستجيب؟

ها قد انسدت كل قنوات الوساطة التقليدية لا مجال للمسؤول من حظوظ المناورة فالحكومة افرغت كل رصيد الثقة لتفريغ هذه الشحنة الاجتماعية فقدرة هذه الفئة على التعبئة تفوق الأنظمة الرسمية.

#هل للحكومة مشروع عقد اجتماعي جديد يحمل إشارات قوية؟

#هل تستوعب الدولة هذه الموجة فتضطر للأصغاء؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.