ظاهرة العنف في الشارع المغربي وتمظهراته الغريبة؟

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

 

ذ. بوناصر المصطفى

 

لم يعد الشارع المغربي ذلك الفضاء الساكن، بل استلم لسرعة تحولات مفاجئة، ما لبثت أن تعرض بقوة الزمن لمستجدات باتت متغيرات أفرزت ظواهر متعددة تمردت على حركتيه المعتادة، وشوهت فضاءاته، لتبرز حالات من المسخ المفروض بفعل احتضان عفوي لأشكال من الأنماط الثقافية الدخيلة طبعت الساحة المجتمعية في كل تفاصيلها بالتنافر واللا تجانس.

لذلك يبقى التقصير في تناول ظاهرة العنف في المجتمع بشكل علمي معمق، وأن قرار التأجيل في إعداد استراتيجية وطنية مندمجة للشباب، سيطبع لا محالة أي معالجة قادمة للصعوبة والتعقيد، فتفرز ردة الفعل في أشكال غير متجانسة في جميع التمثلات المنتظرة، إما عبر ردود فعل رافضة من المتلقي أو منحازة أو متخذة سياقات تفاعلية معينة.

إذ لم يعد من الممكن حصر العنف في تمظهراته المباشرة والمتداولة، لإن إقبالنا على تقنيات حديثة وتعاطينا معها في حياتنا دون استعداد مدروس وموجه، ساعد في انحراف وظائفها ما دامت لم تراع تلك الحمولة الثقافية المغايرة واستيعابها بوعي يقظ، كي توضع في حجمها الصحيح، لذلك من الطبيعي أن تولد لنا أشكالا متنوعة من السلوكيات الغريبة المتشنجة سواء في علاقاتنا الاجتماعية في محيطنا الخاص او في استغلال منحرف للفضاء العام، أو عبر التواصل اللغوي المتمرد في وسائل الاتصال و الإعلام و في نبرات أصواتنا في مجال التربية والتوجيه، أو خطاباتنا السياسية و الإعلامية. أو بتقنيات البصرية مجحفة.

في اعتقادنا إن وسائل الإعلام في إشكالها الجديدة البديلة هي المسؤول الأساسي عن تغدية العنف في الأوساط العمومية، كونها تعتبر القوة الأكثر تأثيرا في سلوك الأفراد، إيمانا منا أن انتشار واستئساد الفوضى السياسية على المسؤولية تبقى تكلفة ثقيلة على المجتمعات، فمن المغالطة اتهام المتلقي أو الشباب على وجه الخصوص بالمسؤول عن ممارسة العنف.

– هل يصح اعتبار الشباب لوحده مصدر مولد للعنف؟

– أم أن الشباب نفسه ضحية لسياسات غير متجانسة؟

– وهل يمكن فهم ظواهر خرقه للقانون ردود أفعال رافضة لسياسات غير منسجمة؟

يندرج العنف ضمن مشكلات اجتماعية واقتصادية تواجه المجتمع المغربي في الوقت الحاضر بأشكال تنذر بالحذر والخطورة، وتتطلب منا بشكل استعجالي حلولاً شاملة ومنهجية لحصرها والتغلب عليها، فالعنف بصفة عامة يعد ظاهرة مرفوضة وغير متماشية مع القيم والتقاليد الثقافية، كونها أصبحت مفروضة بقوة سواء عالميا ومحليا.

ما من شك في أن الانتشار الواسع لظاهرة العنف له انعكاساته السلبية على ثقافتنا المغربية بشكل خاص، ستفرز بدون شك اختلالات معيبة في نظام القيم والمبادئ الأخلاقية وعلى نمط حياة المواطنين بل ستهدد توازنهم النفسي والاجتماعي وتعرض حياتهم للخطر و اللا استقرار.

في الآونة الأخيرة حاولت بعض الدراسات التحذير من خطورة وتداعيات العنف بتنبيه وحث الحكومات المغربية المتعاقبة على مكافحة هذه الظاهرة من خلال توفير فرص العمل وتحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين، وتعزيز القيم والأخلاق الإسلامية والمغربية التي تساعد على الحفاظ على النظام إلا أنها كانت معالجة أقرب إلى النمطية والسطحية.

لقد ساهم تغييب الدراسات السوسيولوجية بأثر بالغ في بنية المعالجات المندمجة بتناول معمق لدراسة الأزمات الاجتماعية، لذلك فان ارتفاع منسوب العنف في الشارع العام نتيجة لنهج سياسات غير علمية مرتجلة واستيراد لا عقلاني لتقنيات غريبة غير ذي جدوى بالتحديد في المدن مما هدد الاستقرار المجتمعي.

في نفس السياق حظي مفهوم الأمن بنظرة أكثر انفتاحا، لإخراجه من تلك النظرة الضيقة بحصر اختصاصه في نطاق الدولة والجهاز الأمني وليتسع مجال المنظومة ليشمل كل مواطن ليقتنع بالمساهمة وتفعيل مشاركته في خلق انسجه قصد التعاون وتنسيق الجهود بين السلطات المحلية والمجتمع المدني والمؤسسات الأمنية لمعالجة كل الظواهر الشاذة، وبالمساعدة في اقتراح وتنزيل سياسات تقارب عن بعد الحلول الناجعة المبنية على ثقافة القرب، قصد تجاوز الجانب الزجري الذي اثبت محدوديته في تعزيز الأمن والاستقرار في البلاد.

بالموازاة لا يجب التقليل من فعالية التأطير والتأهيل عبر كل وسائل الإعلام البديلة والرسمية لإدماج المواطنين العاديين في المساعدة على مكافحة ظاهرة العنف واستئصالها من الشارع باتخاذ العديد من الخطوات:

– تكريس التواصل المستدام مع المنظمات والجمعيات المدنية التي تحمل على عاتقها مكافحة العنف بجميع أشكاله بدعمها المادي والمعنوي، وتوسيع اختصاصاتها في الترافع والتبليغ عن أي حالات عنف للسلطات المختصة شرطة أو امن وطني.

– فتح نقاش موسع مستدام في الدوائر لنشر الوعي بين الأفراد والجماعات والتعبير عن الرفض بشدة للعنف بكونه سلوكا شاذا وغير مقبول في المجتمع، مع إشراك فعاليات اجتماعية وثقافية مؤثرة وتعزيز القيم والأخلاق الحسنة وتعمل على ترسيخها في المجتمع بابتكار أساليب تحفيزية.

من المسلم به أن هده الخطوات قد تصبح معزولة، إذا لم ننجح في ترسيخ ثقافة الحوار البناء في المجتمع والمناقشة الهادئة والسلمية لحل النزاعات والمشكلات بين الأفراد وفي التجمعات، والابتعاد ونبد تلك الأساليب العنيفة في الأوساط المدنية والسياسية وكذا توفير الدعم والمساعدة لضحايا العنف، وتوفير الدعم النفسي والمعنوي لهم

بشكل عام، إن تحفيز المواطنين بجميع أشكالهم ربما قد يتأتى بسن قوانين تفرمل ظاهرة العنف وتحاصرها سواء في داخل الأسرة في الشارع أو في المدرسة لكن تبقى الفعالية في تكريس ثقافة التعاون وسلوكيات التضامن بين الأفراد والعمل بعقلية الفريق لتعزيز القيم والأخلاق في المجتمع وتحقيق السلام والاستقرار.

 

#هل الإجحاف في المسؤولية نوع من أنواع العنف؟

# هل يكفي اتهام التكنولوجيا بالمسؤولة بحمولتها عن توليد ظواهر العنف؟

# إلى أي حد يمكن اعتبار خرق القانون شكل من أشكال العنف؟

#هل ثقافة إشراك المواطن في سياسة منسجمة قادرة على استئصال العنف؟

#هل قانون 507 كاف لوقف نزيف العنف ؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.