العـ نف المدرسي بين غياب المقاربة الأمنية وتآ كل الدور التربوي

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

ذ: مصطفى تويرتو

أصبحت ظاهرة العنف المدرسي من أبرز التحديات التي تواجه المنظومة التربوية في السنوات الأخيرة، حيث لم يعد الأمر يقتصر على بعض السلوكيات الفردية المعزولة، بل تطور ليشمل اعتداءات جسدية، لفظية، بل وحتى شبكات منحرفة تتغلغل في محيط المدرسة وتستهدف الناشئة. وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول دور المؤسسة التربوية، وحجم المسؤولية التي تتحملها الجهات الأمنية والاجتماعية في التصدي لهذه الظاهرة.
إن غياب مقاربة أمنية صارمة وشاملة يشكل أحد الأسباب الرئيسية في تفاقم هذه الظاهرة. فالعديد من المؤسسات التعليمية تعاني من هشاشة الحماية وضعف الرقابة، مما يفتح المجال أمام تسلل منحرفين، مروجي مخدرات، وممارسات تمس الأخلاق وتستهدف بشكل خاص التلميذات. كل ذلك يتم في ظل تقاعس بعض الأطراف عن تحمل مسؤولياتها في حماية الفضاء التربوي من التلوث الاجتماعي والانحلال السلوكي.
ومما يزيد الوضع تأزماً، أن المدرسة نفسها بدأت تفقد دورها التربوي لصالح منطق الحفظ والتلقين، في غياب أي اهتمام فعلي بالجانب القيمي والسلوكي. فالتلميذ اليوم يعيش نوعاً من القطيعة بين ما يتعلمه داخل الفصل وبين الواقع المنفلت خارجه، مما يؤدي إلى تناقضات داخلية قد تنفجر في شكل عنف تجاه الزملاء أو الأساتذة أو حتى الذات.
إن مواجهة العنف المدرسي تتطلب مقاربة شمولية، تنطلق أولاً من داخل المدرسة عبر تفعيل الأندية التربوية، وتقوية العلاقة بين التلميذ والمربي، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي. كما تقتضي في الآن ذاته تدخل الجهات الأمنية لضبط محيط المدرسة، وتفكيك شبكات الانحراف التي تستغل هشاشة بعض التلاميذ لتوريطهم في ممارسات مشبوهة.
إن إنقاذ المدرسة من براثن العنف والانحراف هو مسؤولية جماعية، تتطلب إرادة حقيقية وتنسيقاً محكماً بين كل المتدخلين، لأن مستقبل الأجيال رهين بمدى قدرتنا على توفير بيئة تربوية آمنة، حاضنة للقيم، وموجهة نحو البناء والتغيير.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.