هل يمكن للمغرب الاستفادة من تجربة الصين كقوة صامتة؟

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

 

ذ. بوناصر المصطفى

شهدت العلاقات المغربية الصينية في السنوات الأخيرة تطورا متسارعا ملحوظا، اذ لا يمكن وقف تفسير هدا التقارب باستهداف البلدين لقواسم مشتركة في إطار المنافسة الدولية على مناطق استراتيجية، بقدر ما هو نتاج توافق محكم ومندمج يشمل مجموعة من الأبعاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فهذا التعاون المشترك يشير إلى إرادة قوية لكلا الطرفين في تعزيز نفوذهما في الأسواق الدولية وتحقيق التنمية المستدامة.

فالمغرب والصين يلتقيان حول رؤى واهداف استراتيجية متقاربة، فاذا كان المغرب قد وضع نصب عينيه احتلال موقع الصدارة في شمال افريقيا كحلقة وصل بين إفريقيا وأوروبا، فان الرؤية الاستراتيجية للصين ترمي الى توسيع نفوذها في إفريقيا بتوسيع مبادرة الحزام وفي إطار خطة إعادة احياء طريق الحرير الجديدة 2024، حيث يسعى كلاهما إلى تعزيز الحضور على الصعيد الدولي.

فالمغرب من وجه نظر صينية بمثابة دلك السوق الواعد للصين والبوابة الامنة نحو إفريقيا نظرا لعلاقاته المتميزة بحكم موقعه الجغرافي وعلاقاته المتميزة مع التكتل الاقتصادي لدول غرب أفريقيا وربطه لأكثر من 45 اتفاقية تبادل حر مع دول عديدة، فهو جسر للتعاون في المجال الأفريقي حيث سيتيح للصين فرص الوصول إلى أسواق أخرى سواء افريقيا الشرقية او أوروبا، في مقابل دلك يراهن المغرب على تطوير البنيات التحتية لاقتصاده الوطني نظرا لإمكانيات و خبرات الصين التكنولوجية والصناعات الحديثة بما يساهم في تحفيز تلك الحركة الدؤوبة لمشاريع مشتركة قصد تحقيق التنمية المستدامة، مما يفتح المجال لهما للتنسيق معًا في مجالات متعددة كالطاقة المتجددة والتكنولوجيا عموما.

اذ تجدر الإشارة ان المغرب بدا يسعى لتنويع شركاته وتجاوز الاقتصار على حلفاءه التقليديين، وهدا ما هيأ هدا الانفتاح على الصين، كما كان للتوترات بين الصين والولايات المتحدة دافعا لتوجيه المغرب لاستكشاف شراكات بديلة لتعزيز نموه الاقتصادي.

أسباب أخرى دعمت هده الشراكة ترسخت في التوافق رؤى البلدين المغرب والصين في قضايا دولية خصوصا الدعم السياسي والدبلوماسي للصين لقضية المغرب حول الصحراء المغربية.

لم تبق هده الشراكة محدودة بل استمدت قوتها من الانفتاح على أفريقيا، حيث أن ‏الاتفاقية الموقعة بين الدولتين وافريقيا تنص صراحة على تعاون ثلاثي الأطراف لفائدة القارة. ‏

لدلك انكب كل من المغرب والصين على تنزيل الاتفاق المشترك بشكل عملي لمشاريع تعاون ثلاثية الأطراف، بهدف ‏النهوض بالتنمية المستدامة في أفريقيا، كي تكون مبادرة الحزام الأخضر تجسيدا لنجاح للتعاون جنوب-جنوب، وتمرير قيم جديدة علاقة رابح رابح وهو نفس طموح الصين لدلك منحت السلطات الصينية للمغرب صفة الدولة المحورية في إطار ‏مبادرة الحزام والطريق، فانطلق المغرب كبلد أفريقي وعربي ومتوسطي يفرض نفسه كمحور في تفعيل هده المبادرة.

لقد حضي المغرب سنة 2017 بامتياز اول بلد أفريقي انضم إلى مبادرة الحزام الطريق، من خلال التوقيع ‏ على مذكرة تفاهم تسمح للمملكة بإقامة عدة شراكات في قطاعات واعدة مثل البنية التحتية، ‏والصناعات المتطورة والتكنولوجيا، فجاء يوم 5 يناير2024 الماضي للتوقيع الرسمي على اتفاقية خطة التنفيذ المشترك لمبادرة الحزام والطريق بين المملكة المغربية وجمهورية الصين الشعبية عبر تقنية الاتصال المرئي.

اذ تعتبر هده المبادرة تنزيل لخطة كان الرئيس الصيني التي أطلقها عام 2013، وتهدف لضخ استثمارات ضخمة لتطوير البنى التحتية للممرات الاقتصادية العالمية، وربط أكثر من 70 دولة، ولإنشاء حزام بري من سكك حديد، طرق سيارة عبر آسيا الوسطى وروسيا، وطريق بحري يسمح للصين بالوصول إلى أفريقيا وأوروبا، بكلفة مالية تصل الى ما يفوق التريليون دولار.

فإذا كانت الصين تبحث عبر هده الخطط لتعزيز ولوجها لمختلف دول العالم، فهل سيستفيد المغرب من هذه الخطاطة؟

حسب وزارة الخارجية المغربية فخطة التنفيذ المشترك لمبادرة الحزام تهدف إلى تشجيع الولوج إلى التمويلات ‏الصينية بهدف إنجاز مشاريع في المغرب، عبر تسهيل المبادلات ‏التجارية، تأسيس شركات مختلطة في مختلف المجالات الصناعية والطاقية وبمناطق مختلفة، بما في ذلك الطاقات ‏المتجددة، البحث والتنمية، والتعاون التكنولوجي والتقني، فضلا عن الاهتمام بالتكوين المهني. ‏

لقد اتسمت هده الاتفاقيات بتعهد الحكومة الصينية بتشجيع شركاتها الكبرى على الاستثمار بالمغرب خصوصا في صناعة السيارات، والطيران، والتكنولوجيا الفائقة والتجارة الإلكترونية، والصناعة الزراعية والنسيج.

في هدا الإطار فتحت مبادرة الحزام آفاقا جديدة في مجال التجارة والاستثمارات، ‏وجلبت فرصا إضافية تتوافق مع النموذج التنموي الدي انخرطت فيه المملكة.

فمنذ الزيارة الرسمية التي قام بها ملك المغرب محمد السادس سنة 2016 وتوقيع الإعلان المشترك عن شراكة استراتيجية، ‏ضمت 32 اتفاقية، ومذكرة تفاهم في عدة مجالات اثمرت كل تلك هده الجهود بجلب استثمارات صينية خصوصا بإنشاء المدينة الجديدة طنجة-تيك.

‏ وبهذا صارت الشراكة المغربية الصينية نموذج لتعاون متكامل عرف دينامية متواصلة في جميع القطاعات وتحطمت معها الأرقام القياسية في التجارة البينية لتتجاوز في ظرف وجيز الست مليارات

 

#كيف يمكن قياس مدى تأثير هده الشراكة المغربية الصينية على علاقات المغرب الخارجية؟

#وما مدى تأثير نجاح هده العلاقة المغربية الصينية على خيارات المغرب على المستوى الدولي بعيدا عن ديبلوماسية البهرجة الإعلامية؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.