ذكرى 20 غشت.. مناسبة لاستحضار القيم الوطنية ومواقف الصمود والتضحية بين الملك و الشعب.
عادل عزيزي
يشكل تخليد الذكرى الـ 71 لثورة الملك والشعب، اليوم الثلاثاء 20 غشت 2024، مناسبة لاستحضار القيم الوطنية الحقة ومواقف الصمود والتضحية لبناء وإعلاء صروح الوطن وصيانة وحدته الترابية، التي تعتبر مبعث فخر واعتزاز ومصدر قوة وتماسك لمواصلة مسيرات بناء المغرب الحديث في إجماع وطني حول ثوابت الأمة ومقدساتها وخياراتها الكبرى.
ملاحم المغرب الوطنية كثيرة ومتباينة في أزمنتها وأبعادها، تلك التي شكلت منعطفات حاسمة ومفصلية طبعت زمن البلاد ومسارها ومسيرتها السياسية، كذا كفاح المغاربة من أجل ما هم عليه من استقلال ووحدة واستقرار وذاكرة.
ولعل من محطات البلاد الرمزية التاريخية التي ستظل بمكانة خاصة محفوظة لدى أجيال متعاقبة، ملحمة ثورة الملك والشعب التي اندلعت قبل 71 سنة زمن الحماية، عندما تجاوزت سلطات الإقامة العامة الفرنسية مداها وامتدت أياديها يوم 20 غشت 1953، الى رمز الأمة وسيادة البلاد ووحدتها المغفور له السلطان محمد بن يوسف، بإقدامها على نفيه وأسرته وإبعاده عن عرشه ووطنه، معتقدة أن بجرأتها وإجراءها هذا ستوقف كفاح المغاربة من أجل الاستقلال وستفكك ما هناك من ترابط وثيق بين عرش وشعب.
فما حصل كان عكس نواياها ودسائسها الاستعمارية وكان بداية نهاية نظام حمايتها، من خلال ما أبان عنه الشعب من صمود عبر تضحيات جسيمة ووقفة قوية في سبيل عزة البلاد وكرامتها وسيادتها ومقوماتها وشرعيتها، كذا عودة رمز الأمة والحرية والاستقلال.
احتفاء بهذا الفصل من فصول تاريخ البلاد الوطني، واحتفاء بثورة الملك والشعب التي كان خطاب طنجة الشهير فتيلها ايذانا بقطع حبل المغرب مع نظام الحماية قطعاً نهائياً عندما قال عنه “إيريك لابون” المقيم العام آنذاك “لقد قضي الأمر في طنجة”، ومن ثمة بداية أزمة مغربية فرنسية تسارعت أحداثها صوب قطيعة طبعها تجاهل سلطات الحماية الفرنسية لحق المغرب في الاستقلال، ما عزم السلطان محمد بن يوسف خوض نضال من أجله لاسترجاع سيادة البلاد كاملة. وعليه، ما أقدمت عليه من مؤامرة تجلت في عزله ونفيه، ذلك النبأ الذي تلقاه الشعب بمظاهرات عارمة ملأت كل جهات البلاد.
احتفاء بذكرى ثورة الملك والشعب وفق ما يليق من فخر واعتزاز وإجلال وإكبار، لِما لها من رمزية في ذاكرة مغربٍ ومغاربة، وبمناسبة ذكراها الثامنة والستين وابرازاً لدلالات الحدث الوطنية واشاعةً لِما يحتويه الحدث من قيم نبيلة لدى ناشئة البلاد ومن اجل تلاقح وطني بين سلف وخلف.
لقد كانت ثورة الملك والشعب محطة تاريخية بارزة وحاسمة في مسيرة النضال الوطني الذي خاضه المغاربة عبر عقود وأجيال لصد التحرشات والاعتداءات الاستعمارية، فقدموا نماذج رائعة وفريدة في تاريخ تحرير الشعوب من براثن الاستعمار، وأعطوا المثال على قوة الترابط بين مكونات الشعب المغربي، بين القمة والقاعدة، واسترخاصهم لكل غال ونفيس دفاعا عن مقدساتهم الدينية وثوابتهم الوطنية وهويتهم المغربية.
ومن ثم، فإن ملحمة ثورة الملك والشعب لها في قلب كل مغربي مكانة كبيرة ومنزلة رفيعة لما ترمز إليه من قيم حب الوطن والاعتزاز بالانتماء الوطني والتضحية والالتزام والوفاء بالعهد وانتصار إرادة العرش والشعب.