أي حصيص للغتنا العربية في ازمة التواصل والاعلام؟
ذ. بوناصر المصطفى :
نشتكي منذ زمن من تردي القراءة ليس في دوائرنا المجتمعية، بل ان العدوى امتدت الى الاوساط الثقافية والإعلامية والتي تهاوت من برجها، اما بفعل تخاذلها او انبطاحها اتجاه سياسات معينة، لكن غالبا ما تركز بعض الصالونات في البحث عن متهم بأقصى سرعة ممكنة، دون تكلف عناء البحث واستشارة الباحثين المختصين في التحليل والدراسة المعمقة لأي ظاهرة.
ربما قفزة الزمن والتطور العلمي المتسارع والانفتاح على وسائل الاتصال والتواصل الحديثة، عضد من حالة الارتباك والدي لم يسعف المسؤول لمواجهة تراكم ازمات ومستجدات بشكل متواتر، فمن ازمة ثقافة سقطنا في ثقافة الازمة، ومن توالد أزمات التربية والتعليم صرنا نعد خيبات وتردي الفكر انعكست على المجتمع بكل تفاصيله، مما كرس لذى كل مسؤول اللجوء لحلول ارتجالية كشرط قسري لحرق مراحل على حساب الجودة، فصارت الانتهازية والوصولية عنوانا بارزا لكل مرحلة قادمة.
غصت اغلب المواقع بمحتويات فارغة، بل حتى مكتباتنا المحصنة في غياب التأطير والرقابة القانونية والأكاديمية.
فالقلم الوافد ما لم تبريه المواقف والتجارب ليس الا معتوه اخرس، رسم حروفا فاقدة للظل والاستدامة، فتركيبة الجملة اللغوية ومضمونها الفلسفي هما المسؤولان عن بناء اهداف الرسالة ليحصل التفاعل بين المرسل والمتلقي فيبلغ التأثير والتغيير مداه.
لن يكون لاسمك حظ في صناعة محتوى بالتأثير والانخراط في النماء؟ ما لم تتخندق في دوائر البحث والثقافة، كي تنجح في المساهمة بالضرورة في بناء رسالة واحتراف التواصل والكتابة والا فوظيفتك لا تتعدى ببغاء يعيد الصياغة.
خلق الله سبحانه وتعالى كل انسان على هده الأرض بمهمة ملزم بها بضمير ومسؤولية ومهارته تبقى على كاهله اكتشافها، فليس كل مقلد لوظيفة مسؤول بالقوة، بل اجير فاقد لإنسانيته بالفعل.
في صياغة خطاباتنا لابد من الادراك ان لغتنا العربية تتميز عن باقي اللغات الحية بدلالاتها الغزيرة والقوية، فالكاس كاس ما لم يفرغ من الشراب والا فهو مجرد زجاجة؟، ولا يصح إطلاق اسم المائدة الا كان فيها طعام، والا فهي خوان (بكسر الخاء)، والرمح إذا غابت عن شكله السنان (بكسر السين) وال فهو قناة، والنفق ان غاب عنه المنفذ فهو مجرد سراب، ولا يطلق اسم العويل الا ادا رفع فيه الصوت والا فهو بكاء؟
بعيدا عن النرجسية فاللغة العربية لغة أكثر من حية؟ فهل فعلا نحن امة تثقن التواصل بلغة الضاد؟
ان الهدف من التواصل لا يتوقف على استهلاك اللغة والخطاب وانما الهدف الأسمى هو بناء وتحسين التواصل لتعزيز الانسجام بين فئات المجتمع الواحد والابتعاد عن الخلافات المجانية والرسائل الملغومة التي نفرز علاقات اجتماعية مكهربة.
لدلك يصبح فرض التفاني والالتزام بالمسؤولية الجماعية تجاه أي مهمة موكلة شرط لضمان تحقيق النتائج المرجوة.
#فإلى أي حد كان التعلم المستمر وتحسين المهارات المعرفية والقدرات بحضور الدورات التكوينية حاضرا في اجنداتنا؟
#وهل الالتزام والمسؤولية في أداء الواجب في العمل اتجاه الفرد او المجتمع خيار ام فرض؟