الكلاب تهاجمنا ..!؟
عادل عزيزي
نحن جميعاً مشاريع لوحات على الحائط، وصورنا مجرّد خلفيات شاشات أحبّتنا..، الإنسان أرخص من أن ينظرون إليه، أو يستمعون إلى وجعه أو تلفت انتباههم قصصه..
يموت طفل بسبب عضة كلب مسعور، يُغرق الحزن مواقع التواصل الاجتماعي، يختزل الحزن الكثيف كله على شكل دمعة تسيل في الليل على خدّ الأم وتنسى القصة…
أنا لا أنظر إليها من زاوية أن ثمة إلهاء رسمي للرأي العام بموضوع الكلاب الضالة وإن كانت الفرضية “نسبياً صحيحة”، ولا أنظر إليها من زاوية أن جمعيات تأخذ تمويلاً وتسترزق على أوجاعنا وتحمي الكلاب إعلامياً وقانونياً وعلى أرض الواقع وأن كانت الفرضية “نسبياً صحيحة”، ولا أشجّع على قتل أي كائن حي، بل واشمئزّ من قتله وانتفض غضباً لأجله.. إلا في حالات نادرة إذا صار الكائن الحي مؤذياً وقاتلاً وفي ذمته ضحايا بشرية ويعرض حياة الناس للخطر.. عندها هو لم يحترم “معاهدة السلام” الضمنية بيننا..
نعم هناك حقوق للحيوان بالتأكيد وهي عدا عن كونها مقرّة كشرعة إنسانية، فهي أيضاً تستند إلى القيم والمنظومة الأخلاقية للأديان والأعراف والعادات، فلا يوجد مجتمع يدعو للكراهية أو العداء للحيوان بذاته.
لكن بالمقابل ينبغي الحرص على الإنسان وخاصةً الأطفال وكبار السّن وأخذ ذلك بالاعتبار عند إتاحة المجال لأكبر عديد من التواجد الكلبي في الشوارع.
عندما أشاهد كلاب ضالة تسرح وتمرح أمام أبواب المؤسسات العمومية و الخصوصية في مراكز المدينة، و لا يجرؤ على أحد طردها أو نهرها أو تخويفها حفاظاً على سلامة المرتفقين وراحة المواطنين أحزن وأحزن كثيراً ، عندما أشاهد كلباً يعضّ طفلاً ويجرّه في الطريق ويعجز عن تخليصه من فم الكلاب نساء وأطفال الحي أحزن وأحزن كثيراً ، عندما أشاهد سيدّة تحاصرها الكلاب وتلاحقها وتطرحها أرضا وأحد لا يجرؤ على الدفاع عن نفسه بحجة الخوف من المساءلة “التغريم والسجن” أقول لقد وصلنا إلى الدرك الأسفل من الجبن والذل والخوف..
حتى الكلاب صارت تستأسد على الشعب وصار المواطن أجبن من أن يدافع عن أطفاله وعن سلامته وعن كرامته كإنسان والحجة “خايف يحاسبوه”..؟
ألا يكفي الجنس البشري الذي يستقوي عليه ويسرق قوت يومه ويسطو على حقّه ويجلس على كرسيه ويخوّفه ويلاحقه وينقض عليه إذا ما أراد أن يعيش بكرامة أو يقول الحق ، هل وصل به الحدّ أن يضعف ويستسلم ويخنع للكلب الذي إذا ألقمه حجراً هرب ….
يا سادة لقد بلغنا مبلغاً من الجبن والخنوع والضعف يُخجل تاريخنا ، ويخجل إنسانيتنا، سبب هذا الجبن ذاك الخط الوهمي الذي رسمناه لأنفسنا أن لا نتجاوزه فصارت الكلاب الضالة تهاجمنا وتستأسد علينا كل في موقعه..
الكل يحترق قلبه على ابتسامة طفل كانت لديه أسراب أحلام ملوّنة، لديه ألعاب صغيرة في خزانته، لديه كتب لم يقرأ منها سوى صفحتين، رحل بلا ذنب أو خطيئة سوى أنه مات ولم يلتفت أحد الى صراخه الضعيف.. ماتت الإنسانية وماتت معها الاحلام..
وأنا و أنت نموت كل يوم، على إقليم لا يلتفت على صراخه أحد..
حزين جداً..