مع خواطر سهام :لا تضعي خطة .. وانطلقي!!
بلمسة الأستاذة سهام الراضي
يبدو العنوان مخيفا، لا سيما أننا في عصر تلفنا فيه ملهيات ومغريات من كل مكان، والتخطيط الشخصي هو الملاذ الوحيد، لنحافظ على ثباتنا على الدرب ونركز على تحقيق أهدافنا، أو على الأقل ليكون نقطة رجوع عندما تصبح الحياة محمومة، لكن لحظة .. كم نشاطا هو ضمن خطتك اليوم قد تم تسويفه إلى أن تم إلغاؤه تماما؟
شخصيا ،عندما كنت أضع خطة الأسبوع ولا ألتزم بها حرفيا، كنت أشعر فعليا بإحباط وتأنيب ضمير شديدين لتفويت فرصة التقدم نحو هدفي، والأسوأ أن تأثير ذلك الإحساس السلبي بداخلي يبقى حتى لو قمت بذلك النشاط في اليوم التالي، والذي من المفترض أن يكون فرصة لإضافة جديدة نحو القمة.
أحيانا ،وبغض النظر عن درجة المرونة التي نتمتع بها، عندما نضع خطة، نكون غير واقعيين فنضغط على أنفسنا كي نصل إلى الصورة المثالية التي نطمح إليها، دون أن نجرؤ على الغوص في أعماقنا ،بحثا عن حقيقة ذواتنا وميولاتنا الطبيعية ودون تقييم حالتنا النفسية، أو هل هذه الخطة ،فعلا تتلاءم والظروف المتاحة حاليا. ودون وعي منا نرسم مع تلك الخطة أكبر عائق في رحلتنا لتحقيق النجاح، مما يسهل علينا ارتكاب أخطاء فادحة، مثلا كأن نتبنى بكل سذاجة خطط غيرنا وننتظر نفس النتيجة.
لكن يبقى الخطأ الأكثر شيوعا بيننا نحن المصممات على التفوق هو أننا نضع تقييما مفصلا، نهتم عبره بكافة جوانب حياتنا وبكل تفاصيلها الدقيقة، بدءا من الماسك الذي نضعه على بشرتنا كل أسبوع الى الإهتمام بما يخص حياتنا الجنسية أو متى يجب مسح تلك النافذة، أو أن علي الإهتمام أكثر بتغذية أولادي وتفاصيل أخرى كثيرة مختلفة كالجانب المهني و المادي و الدراسي و…، لنجد في النهاية أنها خطة مثالية محشوة بالعديد من النشاطات والأهداف المختلفة والتي علينا الإلتزام بها جملة، طمعا في تحقيق أهدافنا أو توازن جوانب حياتنا. أليس هذا مرهقا ومحبطا ومملا أيضا.
المثالية والكمال في عملية التخطيط أمر مرهق نفسيا ومضيعة للوقت والطاقة، وبالتالي هذه الطريقة الشمولية في التخطيط تخفض قدرتنا على الإنجاز وتثبط همتنا بطريقة ما، ثم تصيبنا بالتوتر والضغط النفسي الشديد بسبب التشتت المستمر الذي نشعر به يوميا، والأدهى من كل هذا أنها تفقدنا التركيز على منطقة الخلل الحقيقية التي تحول دون سعادتنا.
هناك مقالات عدة تطرقت إلى كيفية وضع خطة لتكون الحياة متوازنة من عدة جوانب مثلا علاقتنا مع الله أو نظام أكلنا وطريقة اعتنائنا بأنفسنا أو علاقتنا بأسرتنا ومجتمعنا الصغير، إلا أني اكتشفت أن هذه الأمور لا تحتاج إلى خطة على الإطلاق، بل تحتاج إلى أن نكتشف من نحن أولا، ثم فقط إلى إعادة بناء عادات روتينية صحية. أليس الأمر بسيطا؟!