هل من استغاثة لقرى لاجئة بين الضباب؟
: ذ. بوناصر المصطفى
قد لا نختلف في كون زلزال الحوز كارثة طبيعية عمقت مآسينا، ورملت نساء لبسن البياض في ريعان الشباب، خلفت تكلى، وولدت في أوساطنا فئة مكفولي الأمة، ورغم كل هدا كله فقد أماطت اللثام عن نبل وطن تضامنت كل سواعده لتجلي الحزن والألم، تمسح الدمع بابتسامة تخفف المعاناة و الكآبة، بتلقائية عمت الخيرات، فأماطت عن أعيننا بصمات الأزمة، كسبنا عنوان الجود صنعنا منه عمامة، وليشهد كل الكون تاريخا كتبه أبطال بأحرف ملحمة صارت عنوان زمن بطعم انساني.
قد تكون هده الصدمة أيقظتنا، لنبارك في جهودا مفعمة بالالتزام بالوعي الجمعي، كما هي فرصة اكتشفنا هفوات في خطانا التنموية، عرت على كواليس وطن نسي جيوبا كانت دوما دروعا أمان، دروعا لم تشك يوما قساوة الزمن، ولا عنف طبيعة وعرة، ولا وطن قطع صلة القرابة بقلاع تحصنت وسط السحاب فلم تنج من ارتدادات غادرة.
فعلا انسابت الرحلات موجات كالنمل لتعكس تلك الهجرة، وتقرب الفجوة بين فئات هده الأمة، لم تكن رحلة كرحلات الاستجمام أو لقضاء عطلة معطلة، بل استجابة لنداء مواطنين لأزالوا متشبثين بهذا الوطن، يا ليت الوطن تذكرهم منذ زمان خلت قاسته عصرا حجريا.
مواطنون عاشوا في كواليس وطن منسي، في بيوت مغلفة بثلج مكسي، معاناة امتصت لتنصهر في سمفونية طبيعة نتأمل تفاصيلها، نلامس عذوبتها في أوراق المجلات وروبوتات أمودو، ناشيونال جيوغرافيك…
هل قدر هؤلاء المواطنين أن يعيشوا هذا الأنين في صمت، يصارعون الأزمات جمعا وفرادى، كلما حاولوا الرحيل نحو بديل صبروا آمالهم فعاشوا مغامرة الموت في طريق كلها صمود وتحدي وزمن يأكل من عمر الراحلة، سنوات رفرفت كأوراق ككتاب تلطمه الرياح، بمسافات تعد بالساعات عبر مشقات السفر العذاب، رحلة هي عزلة في قرى تعيش بين الضباب. تحدي الطبيعة تحصنت بعنف صخور وقساوة منعرجات وعورة منحنيات تكاثفت خلف
اسر تنبض حركة دؤوبة وطفولة تعيش الكفاف في منأى عن تيارات جفاء المدن المزمن، تتطلع لزائر تقاسمه قوتها المرتقب، تحضنك بقوة لمدة تفرغ شحنة وصل لا نظير لها، وتطلب منك ألا تنس أطفال شحبت وجناتهم -هن متلهفون للمعرفة بالجملة والتقسيط وينشدون على مقام بيات منبت الأحراز، نساء نسيت أنوثتها صارت لاجئة في ذكورة محبطة تنكرت للمرآة من شدة الجهد والضنك.
فيا رفاق الدرب طمأنوني كي لا نفزع لذا الوضع ألمزري فنعيد زيارة لفضاء المعارك الإنسانية، نفشي السلام نحيي جنودا آثرت حياة الذكرى على حياتها فقد غشى ليلها وتأخر تجلى النهار.
فهل من تفسير وتبرير لتدابير الحكومة تجاه ظروف القهر التي يعيشها منكوبي الحوز؟
سنة أخرى تقضي عمرها ومنكوبي الحوز يعيشون حياة القهر وأحكام التنكيل بأسر تشتت أرحامها، في انتظار وعود حكومية تأجلت بين صمت وتغافل وتبادل الاتهامات بين المتدخلين، حقيقية تبقى كلها أقنعة لا تبرر استمرار عيش إنسان في شروط تنعدم فيه الكرامة الإنسانية أمام غدق حاتمي لمنظمات دولية ومؤسسات خيرية محلية تستفسر هذه تكريس هذه الأوضاع أقل ما يقال عنها هي أوضاع اللاجئ في وطنه.
فما الذي يمنع فك القيد لإطلاق أوراش التنمية الواعدة لساكنة الحوز !؟
إن تفاقم مأساة منكوبي الحوز وتعطيل التدابير اللازمة واستفحال ظروفهم المأساوية، تكشف عن فجوة مستفحلة في الوعود الحكومية، إذ عرت واقعا مريرا يعيشه المواطن عموما بكون الحكومة أبعد ما تكون عن هموم الوطن، فبعد أن استقبلت الأسر المنكوبة تلك المشاريع الحالمة لإعادة الإعمار، تقادم عمر الزلزال المدمر، وطال الانتظار ولينفذ الصبر، ليقابل احتجاج المتضرر بتبريرات واهية، لتبقى دار لقمان على حالها ويصدر حكم معجل على أسر تقاوم تلك الظروف المعيشية بقساوة لا بشرية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة.
أكيد أن غياب الرؤية في معالجة هذه الأوضاع بحكمة وتبصر وبوجود خلط في أولويات الحكومة أدى إلى تأخير تنفيذ بعض المشاريع لصالح مشاريع أخرى، كما أن البيروقراطية الحكومية عطلت سير العمل وأعاقت اتخاذ قرارات حاسمة مما سبب إحراجا غير مسبوق نتج عنه تبادل الاتهامات بين المتدخلين نظرا لتداخل المسؤوليات.
ساعدت هذه القرارات المرتجلة في تأجيل اتخاذ القرارات الصائبة مما ستكون لها مضاعفات سواء على الأوضاع السياسية والاقتصادية العامة للبلاد، وكذا على ثقة السكان في مصداقية القرارات الحكومية.
من الطبيعي أن تمطيط هذه الظروف المعيشية الصعبة، طقوس حادة حارة صيفا وباردة متجمدة شتاء بأمطار غزيرة تحت خيام بلاستيكية وبدون مساكن ولا مرافق أساسية لائقة، فذلك حكم بالتعذيب لن يخلف إلا حقدا في نفسية الساكن المحلي وصدمات نفسية ستعطل مردوديته وتعاكس انتماءه، الشيء الذي يفرض معه دعما نفسيا واجتماعيا مكثفا.
إن الحكومة لم تكن مؤهلة لتحض بالمرونة اللازمة للتركيز على تلبية احتياجات الساكنة المتضررة بشكل استعجالي بتعزيز تنسيق أولي بين مختلف الجهات المتدخلة، وتحديد مسؤوليات واضحة لكل هيئة أو منظمة، ثم الانكباب على الدراسات لإعادة البناء وتحسين الظروف المعيشية في مواجهة التحديات المناخية قصد تنفيذ محكم لإعادة الإعمار.
# ما الذي يمنع فك القيد لإطلاق أوراش التنمية الواعدة لساكنة الحوز؟
#هل هناك تقارير رسمية عن حجم المساعدات المقدمة بالفعل؟
#ما هي أليات الرقابة عن هذه وجود تدابير سابقة؟
# وهل نفتقر فعلا ونعيش أزمة حكومة مواطنة ؟