رحلة المرشد السياحي الذي يرفع السقف؟
ذ. بوناصر المصطفى
من الوظائف الأساسية لأي مجتمع مدني هي خلق تلك البصمة والأثر في المحيط وفي المجتمع ككل، أما إذا شملت اهتماماته تأهيل القواعد واستثمار الكفاءات والانشغال بهموم التنمية وقضايا القرب، بدلك يكون قد رفع التحدي وراهن على رفع السقف بالتطلع لتحقيق الأفضل.
في هذا الإطار ارتبط انشغال نخبة من المرشدين السياحيين المعتمدين بالمغرب بتنظيم رحلات تجمع بين الاستجمام والاشتغال على ملفات وقضايا مهنية وقطاعية يعتبرونها تحديات يختل فيها كل ما هو استراتيجي.
لقد اختارت نخبة المرشدين السياحيين المعتمدين بالمغرب أن تتموقع في دائرة القطاع السياحي كنموذج يحتذى به في كيفية تفاعل المجتمع المدني مع القضايا المجتمعية والمهنية، اذ ثمنت عبر مسار حافل ذلك التنظيم المحكم لفعاليات وأوراش عمل تساهم في ترسيخ الوعي بأهمية السياحة المستدامة ونشر الثقافة السياحية دون تشويش، والعمل على تحسين الصورة العامة للمرشدين السياحيين وتقاسم التجارب قصد تعميم الاستفادة من المهارات اللازمة لفائدة المرشدين الشباب وتعزيز الاعتراف بدور هؤلاء الفاعلين في تنمية القطاع، بما يخدم قضايا الوطن.
لم تقف أنشطة هذه المؤسسة على الانفتاح على المحيط لتكريس تواصل فعال مع المتدخلين والفاعلين في القطاع، بل تجاوزته نحو الانشغال بقضايا تهم مجالات استراتيجية تهم أفق القطاع سواء في استكشاف المدارات السياحية أو استعراض التحديات البيئية ومواجهة جريئة للمتغيرات في سوق السياحة، مع تكييف الخدمات تلبية لاحتياجات الزوار، وذلك سعيا لتحقيق تأثير ايجابي من خلال دمج الأنشطة المهنية والاجتماعية.
ولهدا الغرض عقد العزم بعد مدينة الصويرة على تنظيم رحلة مدمجة إلى مدينة آسفي لتجمع بين الاستجمام الاستكشاف، ومدارسة قضايا مهنية بامتياز بشكل مندمج، كي تساهم في صياغة مقترحات تثير الانتباه الى هده المجالات الحضرية وما تزخر به مواقع تاريخية في الحاجة ماسة لاهتمام مسؤول قصد استثمارها ومعرفة خباياها، والانتفاع بها في جلب السياح وفتح افاق جديدة للاستثمار السياحي.
شكلت دائما مدينة آسفي، ذلك الخزّان التاريخي المنسي الغني بالمعالم والمواقع الأثرية، التي لم تحظَ بالاهتمام العلمي والسياحي الكافي، ولتحقيق المطلوب كان ضروريا استكشافها والترويج الفعّال لمعالمها التاريخية والسياحية، مع تحفيز التعاون بين مختلف الجهات المعنية في القطاع العلمي والاقتصادي بهدف تعزيز الاستثمار في بنياتها التحتية.
إذ عرفت المدينة حالة من التهميش نتيجة افتقارها لحملات تسويقية فعّالة لتعريف الزوار بمواقعها التاريخية، مثل قلعة آسفي، والأضرحة القديمة، والأسواق التقليدية، عمقتها تلك المنافسة الغير متكافئة من مدن سياحية كمراكش وفاس بامتيازات الشهرة والبنيات السياحية الكبرى.
هدا طبعا مرده إلى غياب تنسيق متكامل بين السلطات المحلية والجهات المعنية في تطوير السياحة، مما أدي إلى ضعف الاستراتيجيات الموضوعة لجذب السياح، وتكريس الوعي الثقافي للحفاظ على التراث الثقافي والبيئي للمدينة.
#الى أي حد توفق المرشدون السياحيون المعتمددون بالمغرب في خلق أسلوبهم الخاص في تحقيق التوازن بين استكشاف المناطق السياحية والتفاعل مع قضايا مهنية تطور القطاع، مما يمثل نموذجًا فعالًا للتنمية المستدامة في القطاع السياحي؟