المغرب وأفق اختيار الامتداد نحو العمق الإفريقي؟

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

ذ. بوناصر المصطفى

 

ارتبط اسم أفريفيا في الأدهان بدلك الأفق المظلم لكن القارة العذراء شكلت في الآونة الأخيرة نبراسا فتح أفاقا أخرى أحدث تحولا ومنعرجا تاريخيا في مسار العلاقات الدولية، إذ استثمر المغرب وضعه الاستراتيجي بذكاء وحنكة سياسية مكنه هذا السبق من استثمار علاقاته ومن وضع متقدم بهده القارة، وارتباطا بسياقات دولية وإقليمية، وبتحولات جرت بشكل متسارع تجاذب فيه المصالح الدولية الكبرى، فاكتست هده القارة أهمية بالغة على إثر الأوضاع الجيوسياسية والاقتصادية، تمكن المغرب بموقعه الاستراتيجي واختياراته السياسية من أن يحظى بدور القائد الملهم والوسيط لنسج أي علاقة بين الدول الإفريقية وبعض الدول الكبرى.

فكيف يمكن لإفريقيا أن تتموقع في هدا الخضم بالحفاظ على قيمها كمهد للإنسانية وأرض التمازج العرقي، دون أن يتم إعادة استغلالها بشكل موحش، هذا في مواجهة إيقاع عالمي مفرغ من القيم الإنسانية ومكتسح بشكل فاضح بقيم لبرالية متوحشة؟

لا شك أن مغامرة إفريقيا في التموقع على الساحة الدولية يتطلب منها، أولا الترافع ككتلة متراصة وتبني استراتيجيات متعددة الأبعاد تضمن حفظ خصوصياتها، ففي ظل وضع يطبعه التنافس الشرس، قد يواجه أي كيان معزول تحديات تهدد شروط بقاءه، لذلك من الواجب وجوبا على الدول الإفريقية توحيد جهودها للترافع كقارة موحدة مترابطة متعاونة متضامنة معتزة بهوية ثقافة عشائرية، مستثمرة وزنها الاستراتيجي في العلاقات الدولية، حتى تتبوأ المكانة الرائدة في عالم يتسم بالصراع والتنافس.

من الثابت أن تكون لكل أولويات، عموما على المستوى الداخلي الحاجة ماسة لتحصين استقرار سياسي ببناء بيئة سليمة داخل كل دولة، يركز على الاستثمار في التعليم والصحة والبنية التحتية، لضمان تنمية شاملة تضمن محفزات الابتكار وريادة الأعمال، وتثمر مشاريع قومية، كي تستثمر الموارد الطبيعية والبشرية كوسائل لتحقيق التنمية الاقتصادية، توازيها قوانين صارمة لحماية الموارد الطبيعية والبشرية من الاستغلال المفرط والتهجير.

وعلى المستوى الخارجي لا محيد لقارة تعرضت للاستغلال بشكل معزول عن بناء تحالفات مع دول أخرى تعزز موقفها في إطار دبلوماسية متعددة الأطراف، وبالانخراط في مؤسسات دولية تعلي صوت القارة في المحافل الدولية حول القضايا العالمية.

من حسن الصدف أن يتوافق اختيار المغرب الامتداد في عمقه الإفريقي بحاجة الدول الإفريقية للمتوقع واستثمار وتوسيع علاقاتها الخارجية، حيث حظي دائما في تاريخه بمكانة متميزة وعلاقات ودية في الأوساط الإفريقية، زاد من قوة انخراطه الميسر وضعه الدولي كشريك اقتصادي لقوى كبرى كانت له تأثيرات استراتيجية كبيرة على أفاق القارة، فكانت نقطة انطلاق للعديد من المبادرات الاقتصادية والسياسية دوليا، مما عزز ثقل دور المغرب كحلقة وصل بين القارة والعالم الخارجي وكبوابة القارة.

في هدا السياق الدولي المطبوع بالتوتر لم يكن للمغرب أي خيار سوى بالعودة إلى الحضن الإفريقي وانخراطه الفاعل في الاتحاد الإفريقي، ومنظمات أخرى ركزت حضوره ونفوذه في القارة، بمبادراته في إطلاق مشاريع تنموية واستثمارات كرست لعلاقات قوية بين العديد من الدول الإفريقية وفتحت ألآفاق لكل ما قد يساهم في تعزيز التعاون والتكامل الإقليمي.

لقد كان للسبق المغربي في استغلال هده الفرص الاقتصادية الفضل في فتح شهية الدول نحو القارة، ليحتدم صراع خفي بين الدول الكبرى، استفادت من هده المنافسة القوية بعض الدول الإفريقية بشكل متفاوت جلبت استثمارات اقتصادية.

مما لا شك فيه أن استثمار هدا الوضع بشكل أحادي في إطار علاقات ثنائية، لن يكرس إلا الضعف ويبخس السيادة الوطنية للدول الإفريقية، ربما يخفف من حدة الصراع بين القوى الكبرى، مما يتطلب منها توخي الحذر في بناء تلك العلاقات الخارجية.

إن اختيار المغرب للامتداد في العمق الإفريقي يُعَد خطوة استراتيجية لإرساء وضعه في القارة، إلا أن مع احتدام الصراع بين الدول الكبرى، يتوجب على إفريقيا أن تبقى موحدة، وتستغل هذه الديناميات لتحقيق التنمية والاستقرار

في نفس السياق جاء إطلاق المغرب لخططه الاستراتيجية وتعزيز حضوره القاري، لدعم تكتلات اقتصادية (المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا) وتيسير انفتاح الدول الإفريقية على الساحل الأطلسي باستغلال البعد الأطلسي في سياسته الخارجية، مبادرة هادفة عرفت إشعاعا دوليا نظرا للفرص الواعدة وانعكاساتها على القارة الإفريقية.

لقد اجمع خبراء العلاقات الدولية على كون هذه الخطوة جادة تعكس الإرادة الفعلية في تكريس روح التعاون والتنسيق داخل الفضاء الإفريقي، وأن اختيار هذا الانفتاح على الواجهة الأطلسية هو تحول استراتيجي للمغرب لتعزيز مكانة الأقاليم الجنوبية والبلدان الإفريقية بالتحديد نحو مستقبل أفضل.

من الصعب حصر هده المبادرة المغربية في أبعاد محدودة لكونها تتجاوز المصالح المغربية الاستراتيجية نحو أفآف واعدة دوليا كفيلة بتمكين بلدان الساحل وغرب إفريقيا من تجاوز الكثير من التحديات الأمنية والاجتماعية التي تشكل حضنا للجماعات المسلحة وشبكات التهريب بما فيها تهريب البشر والهجرة غير الشرعية.

أصبح واضحا أن المغرب بهده الرؤية فقد دشن خططا ذات البعد الدولي كي لا تبقى مكانة المغرب في إفريقيا منحصرة في تلك الصورة الروحية النمطية وإنما تكريس الزعامة الاقتصادية والسياسية في هذه البلدان وهدا ما ثار حفيظة الجارة الشرقية.

#هل هناك تحديات محتملة قد تواجه هده الخطة الاستراتيجية؟

# إلى أي حد يمكن قياس نجاح هده الاستراتيجية؟

#هل تنجح أفزيفيا في الاقتداء بتكتلات دولية كتكتل دول شرق آسيا اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.