نقط وتقاطعات في تطور العلاقات المغربية الاسبانية؟

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

 

ذ. بوناصر المصطفى

ان المتتبع للعلاقات المغربية الاسبانية يدرك جيدا انها محكومة بتعقيدات تاريخية ومجالية وان تداخلهما ادخل الطرفين في تنافس ونزاع احينا خفي، وظاهر احيانا أخرى، من هدا المنطلق من المستبعد حصول أي اتفاق نهائي حول ملف ما نظر لحساسية وتركيبة الملفات بين الدولتين الجارين.

ربما استبشر البعض بعودة محور مدريد الرباط الى لتجاوز دائرة الشؤم التي خيمت على العلاقات لفترة مهدت لمجموعة من الاتفاقيات بين البلدين قدمت خلالها مدريد قرارا جريئا يعتبر من الجهة الاسبانية تنازلا حاسما بدعمها لمبادرة الحكم الذاتي كمقترح يعتبره المغرب الحل الدائم لقضيته التي عمرت طويلا وفي المقابل سمح المغرب بتقديم امتيازات اقتصادية واستثمارية لإسبانيا بأخذ الريادة في مجال هدين المجالين، رغم ان الملف قد اثار حفيظة باريس الشريك الاستراتيجي للرباط.

لكن العادة في العلاقات المغربية الاسبانية بعد كل فترة عسل يتبعها التوتر

فهل هناك تقاطعات تحتاج الى جراءة ام نقط يتم تغافلها عن قصد؟

وقع المغرب وإسبانيا على مجموعة من الاتفاقيات في بداية هدا القران وصل عددها الى خمسة، فمنذ اتفاقية مدريد حتى توقيع اتفاقية السابع من ابريل 2022، شهدت العلاقات بين إسبانيا والمغرب قفزة نوعية في علاقات التعاون المتكافئ وفتح اوراش رائدة أبرزها الاتفاق لتنظيم مشترك لكأس العالم 2030، مع الالتزام بتسريع انجاز مشروع الربط القاري بين البلدين.

لكن هل فعلا كانت هده الاتفاقية الأخيرة بين البلدين واعدة لتنهي في العمق كل المشاكل بين البلدين؟

ان الاطلاع على فحوى الاتفاقية تلك يفسر تنويم هدا الغموض في عدة نقاط هي ضمنيا خلافية، فالتصريح بالاستئناف الكامل للحركة العادية للأفراد والبضائع بشكل منظم، وتفعيل الترتيبات المناسبة للمراقبة الجمركية وللأشخاص على المستوى البري والبحري وإطلاق مباحثات حول تدبير المجالات الجوية

 

 

مرادفات تفضي الى التعميم والكلام الفضفاض مما لا يتلاءم مع استمرار احتلال إسبانيا لسبتة ومليلية وتحصيل جماركهما.

الملاحظ ان تحرير اتفاقية السابع من ابريل 2022 سارت على غرار الاتفاقيات السالفة في صيغتها حيث تحاشت التفاصيل حيث يسكن الشيطان، فصياغة:

” سيتم إطلاق مباحثات حول تدبير المجالات الجوية” اما انها تعمدت الغموض او سيطر على موقعيها حالة من التفاؤل ليفتح الباب لتعدد التفسيرات.

من الطبيعي ان مضمون التعاون في إدارة المجال الجوي للصحراء يفيد التدبير المشترك في حين ان اعتراف إسبانيا رسميا وتصريحها بسيادة المغرب صحراءه لابد ان يتمحور حول عملية النقل الكلي لمراقبة المجال الجوي للصحراء من إسبانيا إلى المغرب، هو ما تمخض عنه ازمة في تفعيل تسليم عملية المراقبة تلك للصحراء المغربية حيث اخدت هده النقطة بعدا مفتوحا في علاقة قرار تسليم المجال الجوي للمغرب شريطة مرور البضائع من سبة ومليلية

في الحقيقة شكلت هده النقطة بالذات وتقاطعا أربكت كل الحسابات لتضع المصالح الاستراتيجية لكل بلد امام معادلة صعبة، تحتاج الى التروي نظرا لحساسية القرار وللتعقيدات المطروحة امام كل طرف.

فهل أدرك كل طرف حجم هده التعقيدات؟ ام ان كل طرف كان يحاول المراوغة لتجنب مواجهة الاكراهات الحقيقية؟

فتدبير المغرب للمجال الجوي في الصحراء قد يزعج سيطرة اسبانيا على جزر الكناري ويثير بعض المخاوف الأمنية علما بان ما يطلق عليه بقضية الصحراء الغربية ملف مركب يتجاوز تلك العلاقات بين المغرب وإسبانيا، بل له أبعادا إقليمية ودولية في حين ان اعتراف اسبانيا بالصحراء له كلفة سياسية داخلية اد واجهت الحكومة الإسبانية ضغوطًا داخلية سواء من أحزاب المعارضة او بعض منظمات المجتمع المدني

ومن بين النقط التي افاضت الكاس هي حساسية اثارة ملف سبة ومليلية بالنسبة للمغرب والتي تتطلب منه مفاوضات طويلة وشاقة لحلها لكن وضعها القانوني معقد، مما يصعب معه إيجاد حل فوري بالرغم من الضغوطات الداخلية لاسترجاعها كما يحول تفسير كل طرف للاتفاق دون تفعيله فالمدينتان لم يتطرق لهما بشكل منفصل، لدلك يحضر التباين في التأويل والاختلاف في الرؤية أكثر من تنفيذ الاتفاق بما يخدم البلدين.

لذا يقف دور الاتحاد الأوروبي فقط في السعي لتقريب وجه النظر وتسهيل الحوار بين الطرفين وتقديم الدعم الدبلوماسي قصد تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية وتجنبه التدخل في القضايا الداخلية للدول الأعضاء.

فالتحديات التي تواجه العلاقات المغربية الإسبانية تحديات كبيرة، تتطلب من الطرفين إظهار مرونة وحكمة في التعامل معها.

في المجمل ان عدم تسليم إسبانيا تدبير المجال الجوي للصحراء للمغرب ليس مجرد قرار بل يفسر من خلال التداخل بين الجوانب التاريخية، القانونية، والسياسية للعلاقات بين البلدين تحاول مدريد خلق توازن يحافظ على مصالحها الاستراتيجية، سواء مع المغرب أو مع الأطراف الأخرى ذات الصلة بالنزاع الدي لم يحسم بعد بشكل نهائي وبالرغم التطور الإيجابي في علاقات البلدين في السنوات الأخيرة، تبقى مثل هذه الملفات العالقة حينها تؤشر على صعوبة تجاوز الإرث التاريخي والتحديات الجيو سياسية وبالتالي يصبح الحوار المستمر والشفاف هو السبيل الوحيد لحل الخلافات والوصول إلى تفاهمات مشتركة لاستفادة من الفرص المتاحة لتعزيز التعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والتجارة والثقافة.

 

#إلى أي حد يصبح المجتمع الدولي معني بالمساهمة في تهدئة التوتر السياسي؟

#هل يمكن الإشارة لحيز زمني لهده الملفات العالقة ؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.