العلاقات المغربية الإيرانية أي أفق لتجاوز حالة الجفاء والتوتر؟

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

 

ذ. بوناصر المصطفى

 

أي متتبع للعلاقات المغربية الإيرانية يلاحظ أن أمدها قصير جدا، ما يلبث تولد من جديد حتى تتعرض لانكسارات حادة تزكيه حالة الجفاء والتوتر بين البلدين، وهذا طبعا راجع لتذويب كل قاسم مشترك بينهما يمكن استثماره في التعاون، وكذا نتيجة طغيان عناصر الاختلاف الذي تتأجج بشكل كبير في استمرار تعنت الدولة الصفدية في زعامة المذهب الشيعي، وتبنيها مشروع الخلافة الإسلامية، هدا في مقابل خيار المغرب للمذهب السني المالكي، ورئاسة القمة الإسلامية ولجنة القدس كجبهة الدفاع عن القضية الفلسطينية، مما كرس حالات التشنج والتقلبات العديدة في مسار هذه العلاقات.

إلا أن هذا لا ينفي وجود علاقات، طبعتها حقب من الصراع والحروب، وأخرى ساد .فيها التعاون ، فسجل أول توتر دفنت معه العلاقة إلى درجة القطيعة بسبب قبول المغرب لجوء شاه إيران محمد رضا بهلوي بعد الإطاحة به في عام 1979، قرار أثار استياء الدولة الشيعية، خاصة في ظل توجهات إسلامية ثورية كانت سائدة أنذاك، وقد تكرس هذا الوضع بوقوف المغرب إلى جانب العراق في الحرب الطويلة الأمد في الخليج ، زاد من حدة هدا التماس اختلافات جوهرية سياسية وعقدية بين البلدين، فبينما كان توجه المغرب يميل إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع الدول العربية والأفريقية، تبنت إيران العكس بسياسة أكثر عدائية تجاه بعض الأنظمة العربية خصوصا في تصريح إيراني يعتبر البحرين محافظة إيرانية دفع المغرب إلى للانحياز لدولة البحرين مما أثار حفيظة الدولة الشيعية.

من الملاحظ أن إيران غالبا ما تكون المبادر لإعادة هذه العلاقات

فأي تفسير يمكن استنباطه من محاولات تقارب الجانب الإيراني نحو المغرب؟

هل هي فقط رغبة اكيدة لفتح صفحة جديدة ام أن هناك أهداف استراتيجية؟

لا يمكن إلا لغافل أن يقبل بهذا الانقلاب في التوجه فكيف لزعيمة التيار الشيعي أن تتخلى عن مشروعها ودافع وجودها وتنسى بهذه السهولة شعارات الثورة، وعلى دور إيران الثوري في العالم؟

ومن غير المقبول أن نقتنع بتغيير تلك الدينامية السياسية فجأة والاكتفاء باعتبار انقسام الرواد بين محافظ وإصلاحي وكذا تعدد الأقطاب في هذين القطبين مسؤولان عن إثارة نقاشات مست جوهر الدولة الإيرانية، فتتحفز سياسة الانفتاح هده نحو الدول العربية الإسلامية.

فمشهود لدولة إيران بسجل حافل في مسار علاقاتها الدولية تركيزها بشكل أساسي على نشر التشيع في المشرق رافقتها محاولات يائسة للتغلغل مرات عديدة في المغرب بالتخطيط لإثارة القلق وعدم الاستقرار سواء عبر دخول عناصر حزب الله بوثائق مزورة داخل الأراضي المغربية بالإضافة الى دعم لوجيستي لجبهة البوليساريو بالسلاح والتدريب على حرب العصابات.

في الحقيقية هي علاقة محفوفة بالمخاطر ومشكوك في سلامة نواياها ليس في المشرق أو المغرب بل حتى في دول أمريكا اللاتينية، كما ليس غريبا عن دولة مشهود لها بطول النفس في إثارة القلاقل والاشتغال لقلب الأوضاع ضد أي خصم أيديولوجي واعتمادا على حرب العصابات أو الحرب بالوكالة.

فكيف لدولة حاضنة للأنشطة الغير مشروعة همها الوحيد السعي لخلق القلق عدم الاستقرار في المناطق المستهدفة ان توحي علاقاتها بالاطمئنان؟

من هذا المنطلق قررت الدول الأوربية والحزب الديمقراطي في أميركا صد هذا الخطر إما بذريعة اتهامها بالتسلح النووي أو كمسؤولة عن أي حدث مشبوه اعتمد نظام المافيات والميليشيات التابعة لنظامها.

من المؤكد أن إشارات إيران الحالية بإصلاح العلاقات مع المغرب، هي ملف معقدًا، خصوصا وأن المغرب هو في صدارة الدول التي تستهدفها إيران بالتحديد بعد أن دشنت المصالحة الإيرانية السعودية الجسر لرسم ملامح خريطة سياسية جديدة.

لا شك أن بناء هده الثقة يتطلب خطوات ملموسة تؤكد حسن نوايا الجانب الإيراني، حتى بعد إعلان طهران الاعتراف بالجمهورية الصحراوية في تطابق مع قرارات الأمم المتحدة، هدا طبعا يتوافق مع شروط المغرب لبناء أي علاقة اعتبار السيادة الوطنية وقضية الصحراء خطوط حمراء فقابل هدا الموقف إقرار المغرب فيما بعد بحق إيران في استعمال الطاقة النووية للأغراض السلمية.

إن بناء العلاقات بين الدول وتوطيد هده الثقة غير متوقف على النوايا بقدر ما يتطلب خطوات ملموسة تؤكد مزيد من التحركات الإيجابية من الجانب المبادر.

ربما قد تكون التحولات الإقليمية الكبيرة التي شهدتها المنطقة مسؤولة عن تغييرات في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الصراعات في سوريا واليمن، دفعت بإيران للبحث عن تحالفات جديدة.

كما أن الضرورة أصبحت تفرض تحسين صورة إيران بعد سنوات العزلة التي يعاني منها الاقتصاد الإيراني لذلك فضغط العقوبات وسلسلة التوترات مع الغرب أصبحت أولوية في السياسة الإيرانية توازيه إرساء علاقات جيدة مع الدول العربية، لتعزيز مصالحها الاقتصادية المشتركة مع دول الجوار، رغبة في تحفيز مجالات كالسياحة والتجارة قصد التخفيف من تلك الضغوط الخارجية، هذا ومن المرجح أن تكون هناك ضغوط من دول أخرى، كالجزائر الحليف المفضل لطهران في منطقة المغرب العربي أو دول خليجية، تدفع إيران والمغرب نحو تحسين علاقاتهما من أجل توازن القوى الإقليمية في ظل منافسة قوية بين الزعيمين إيران والسعودية، إلا أن المغرب قد يقبل بهذه الوساطة من أجل توازن إقليمي لتحقيق مصالحه.

أكيد أن هذه الديناميات تتطلب يقظة ومراقبة دقيقة، حيث أن أي تغيير في العلاقات يعتمد على سياقات سياسية معقدة وتوازنات إقليمية تحتاج إلى ثنائية متلازمة الترو والحذر.

وأخيراً تبقى أسئلتنا ملحة: في ظل آية شروط يمكن بناء الثقة بين البلدين؟

ما هي التدابير المفروض اتخادها رغم أن التقارب بين البلدين فرض كفاية تطلبه الأوضاع والمستجدات الدولية؟ وهل ستؤثر العلاقات الجديدة على الخريطة السياسية في المنطقة في رغبة إيران الاستفادة من وضع المغرب وعلاقته بأوروبا وإفريقيا؟

 

#فأي ضمانات يمكن أن تقدمها إيران مراعاة للمخاوف الأمنية للمغرب في سياق هذا التقارب؟

 

#هل يسهم نجاح هدا التقارب بين المغرب وإيران، في التأثير على الخريطة السياسية بالمنطقة وخلق توازن إقليمي يوفر شروط النهضة الحضارية وتعيد ترتيب الأوراق للتحرر من التبعية للآخر؟

 

#هل يمكن أن تساهم العلاقات المحسّنة في تشكيل تحالفات جديدة وتجاوز تشكيل التحالفات الحالية في المنطقة تعي جيدا حجم المكاسب التي يمكن تحصيلها من الانفتاح بين الدول العربية وإيران

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.