….الجهل المؤسسي…. Mais qu’elle mouche a dû piquer la cour de justice européenne
فلاش24 -محمد عبيد
غريب ما فسرته محكمة العدل الأوربية بشأن هوية وشخصية الصحراويين، ذلك حين أصدرت الجمعة الأخير 04 أكتوبر 2024 قرارا اعتبرته نهائيا يقضي ببطلان اتفاقات تجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في الصحراء الغربية، مستندة في في قرارها على غياب شرط “موافقة شعب الصحراء الغربية على التنفيذ…”.واعتبرت ذلك ايضا بسبب “انتهاك حق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير وغياب موافقته”.وأضافت أن عملية التشاور التي جرت لم تشمل شعب الصحراء الغربية، بل السكان الموجودين حاليا في هذه المنطقة، متغاضية عن مدى انتمائهم إلى شعب الصحراء الغربية.في المقابل، قالت الرباط إن الحكم يعد “انحيازا سياسيا صارخا”…وأنه قرار منفصل عن الواقع ولا تأثير له على قضية الصحراء المغربية” و”أن قرار محكمة العدل الأوروبية المتعلق باتفاقيتي الصيد البحري والفلاحة بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي يبقى دون تأثير على قضية الصحراء المغربية، وعلى “ديناميتها”.
كما جاء في تصريح صحفي اليوم الثلاثاء 08 اكتوبر 2024 لوزير الخارجية المغربية أن هذا القرار “سعي دون جدوى” لم يكن له أي رد فعل من قبل الأمم المتحدة أو الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، ولن يؤثر، بأي شكل من الأشكال، على الملف بفضل الدينامية التي يضفيها عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وأوضح السيد ناصر بوريطة خلال اللقاء الصحفي الذي جرى الثلاثاء بالرباط عقب مباحثاته مع رئيس حكومة إقليم جزر الكناري، فرناندو كلافيخو، أن هذا القرار لا تأثير له، بالنظر إلى أن هذا الملف يدخل ضمن الاختصاص الحصري للأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها، مشيرا إلى ان“هناك جهلا بالحقائق القانونية، والسياسية، والتاريخية والإنسانية”.وعلى الرغم من الحكم، فإن الاتحاد الأوروبي، إلى جانب العديد من الدول الأعضاء فيه، بما في ذلك بلجيكا وفرنسا وإسبانيا، أعاد التأكيد على التزامه بتعزيز العلاقات مع المغرب.
وقد أكدت هذه الدول على الأهمية الاستراتيجية لعلاقاتها مع المملكة المغربية، من الناحية السياسية والاقتصادية على حد سواء.
كما أنه جاء عقب مباحثات جرت بالرباط نفس هذا اليوم الثلاثاء مع رئيس حكومة إقليم جزر الكناري، فرناندو كلافيخو، أن الحكومة الإقليمية لجزر الكناري تتبنى بشكل كامل الإعلان المشترك الصادر عن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والممثل السامي للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، اللذين جددا التأكيد على التزام الاتحاد الأوروبي بالحفاظ على العلاقات الوثيقة مع المغرب وتعزيزها بشكل أكبر في كافة المجالات، وكذا تصريحات رئيس الدبلوماسية الإسبانية خوصي مانويل ألباريس الذي أكد على تشبث إسبانيا بالشراكة الاستراتيجية مع المغرب، وعزمها على “الحفاظ عليها والنهوض بها”.
✓ ولكن ماذا حدث لمحكمة العدل الأوروبية؟
يظهر أنه لا بد وأن هناك ذبابة تكون قد لسعت أو عضت محكمة العدل الأوربية، ذلك ليس فقط بما قررته بعدم شرعية الإتفاقيات بين المغرب والإتحاد الأوروبي، داعية إلى الإمتثال لبنوده، بل لتعمدها، إما عن جهل او عن عمد مع سبق الاصرار والترصد، الإشارة بأن الشعب الذي يقطن بالصحراء الغربية ليس بالشعب الصحراوي!؟؟ مما جر عليها وابلا من ردود الفعل الفورية والقوية التي أثارتها حكومات الدول الأوروبية على أعلى مستوياتها بسبب الحكم الأخير الذي أصدره قضاتها لتفضح عن توفر معلومات وافرة عن مدى الفجوة بين السلطات الأوروبية، من ناحية، التي تدرك تمامًا الأمر، واقع الميدان، وهو في حد ذاته امتداد طبيعي للحقائق التاريخية غير القابلة للتصرف، والقضاة الذين يتمركزون بشكل مريح خلف مكاتبهم في لوكسمبورغ.
ورغم أن المغرب، من الناحية الإجرائية للكلمة، ليس معنيا بهذا الحكم، حيث أن المفوضية الأوروبية هي التي يجب أن تتولى المسؤولية عنه، تظل الحقيقة أنه فيما يتعلق بالموضوع، فإن بعض التوقعات الواردة في نص الحكم تقول الكثير عن هذا الحكم، وتكشف عن درجة جهل أعضاء المحكمة الأوروبية.
وهكذا، وعلى سبيل المثال، ترى المحكمة أن “الجزء الأكبر” من سكان المناطق الجنوبية البالغ عددهم حوالي1.100.000 نسمة ليسوا صحراويين و”لا ينتمون إلى الشعب الصحراوي” الذي من المفترض أن يتم استشارتهم؟!!
لكن لنسائل هؤلاء القضاة هل زاروا على الأقل إلى مدن مثل الداخلة أو العيون أو بوجدور أو السمارة ليتأكدوا من هذه الحقيقة قبل إصدار مثل هذا الهراء؟… هل أجروا أي استطلاع أو استطلاع لتكوين رأيهم الخاص؟ أم أنهم اعتمدوا فقط على ما قرأوه في المستندات المقدمة إليهم من أعداء المغرب الغير المعترف بهم أمميا؟
ومن ناحية أخرى، وبعيدًا تمامًا عن المواقف الدولية والأممية، مع حكمهم الأخير، يفترض هؤلاء القضاة اللامعون في المحكمة الأوروبية أن الدول الـ 29 التي افتتحت قنصلياتها رسميًا في الداخلة والعيون قد انتهكت القانون الدولي.
وهم يفترضون بشكل عابر أن حكومات ودبلوماسيي هذه الدول الـ 29، وليس أقلها، جاهلون في أحسن الأحوال بأمور القانون الدولي، أو في أسوأ الأحوال، خارجون عن القانون.
وفي هذه الحالة يجب محاكمتهم جميعاً أمام الجهات القضائية المختصة في هذا الشأن.
في المقابل، قالت الرباط إن الحكم يعد “انحيازا سياسيا صارخا.ولقد قالت وزارة الخارجية المغربية، الجمعة 04 أكتوبر 2024، إنها “غير معنية بتاتا” بقرار محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي الذي أبطل اتفاقين تجاريين مبرمين بين الرباط والاتحاد الأوروبي بشكل نهائي.
وذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية المغربية، أن “المغرب ليس طرفا في هذه القضية، التي تهم الاتحاد الأوروبي من جهة والبوليساريو من جهة أخرى”.
وتابع البيان أن “مضمون القرار تشوبه العديد من العيوب القانونية الواضحة وأخطاء في الوقائع محل شبهات”.
وطالبت وزارة الخارجية المغربية في بيانها “المجلس والمفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي باتخاذ التدابير اللازمة من أجل احترام التزاماتها الدولية والحفاظ على مكتسبات الشراكة”.وقالت أيضا إن المغرب “يجدد التأكيد على موقفه الثابت إزاء عدم الالتزام بأي اتفاق أو وثيقة قانونية لا تحترم وحدته الترابية والوطنية”.
وكانت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي أصدرت، الجمعة 04 أكتوبر 2024، قرارا لصالح الانفصاليين الصحراويين من جبهة بوليساريو عبر إبطال اتفاقين تجاريين مبرمين بين المغرب والاتحاد الأوروبي بشكل نهائي.
هذان الاتفاقان اللذان يعودان للعام 2019 ويتعلقان بالصيد والزراعة، أبرما في “تجاهل لمبادئ تقرير المصير” للشعب الصحراوي كما اعتبرت أعلى هيئة قضائية للاتحاد الأوروبي في حكمها الصادر في لوكسمبورغ.وكانت موافقة الشعب الصحراوي على إبرام هذين الاتفاقين أحد الشروط لسريانهما.
لكن المحكمة اعتبرت أنه حتى لو تم استطلاع أراء السكان بهذا في الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة الخاضعة بشكل تام لسيادة المغرب، فانها لم تكن لتعني موافقتهم.
وكان من الممكن الأخذ بهذه الموافقة لو كان تطبيق هذين الاتفاقين قد أعطى “فوائد محددة وملموسة وجوهرية” وهو ما لم يكن يحصل على ما أفادت المحكمة.
نتيجة لذلك، تم رفض طلبات إلغاء قرار المحكمة الأوروبية المتخذ في المحكمة الابتدائية عام 2021.
وكان أن الغت آنذاك محكمة الاتحاد الأوروبي الاتفاقين التجاريين المبرمين بين الاتحاد والمغرب.
وهنا لابد أن نشير إلى أن قرار المحكمة الصادر الجمعة ليس له أي عواقب على المملكة المغربية على المدى القصير.
فمدة اتفاق الصيد انتهت في يوليوز 2023 فيما مددت المحكمة لسنة اعتبارا من الجمعة تطبيق الاتفاق المتعلق بالمنتجات الزراعية، حين قضت المحكمة أيضا بضرورة وضع علامة تشير إلى منشأ البطيخ والطماطم المنتجين في الصحراء الغربية.
وأضافت أن “الملصقات يتعين أن تشير إلى الصحراء الغربية وحدها كالبلد المنشأ لهذه السلع مع استبعاد أي إشارة إلى المغرب تجنبا لتضليل المستهلكين”.
ويسيطر المغرب على 80% من مساحة الصحراء الغربية التي تعتبرها الأمم المتحدة من “الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي”، فيما تطالب جبهة الانفصاليين البوليساريو المدعومة من الجزائر والتي تخوض نزاعا مع الرباط منذ 1975، بالسيادة عليها.
يذكر أنه في نهاية 2020 اعترفت الولايات المتحدة في ظل إدارة دونالد ترامب، بسيادة المغرب على هذه المستعمرة الإسبانية السابقة… قبل أن تتلو خطوتها عدد مهم من الدول للاعتراف بالصحراء المغربية… بل منها ما فتحت قنصلياتها في مدن مغربية صحراوية.