مشاريع لم تكتمل.. !؟ مدينتي التي حلمت بها.. مشروع لم يكتمل أيضاَ…!
عادل عزيزي
في الطريق، ليست الشواخص وحدها من يدّلك على المسير أو ينبّهك لما أنت ذاهب إليه، المتناثرات من الأمكنة والأشياء على جنبات الطرق تخبرك أيضاَ بقصص مؤلمة صامتة، بحكايات مبتورة ، بأحلام قطعها رذاذ الواقع البارد ، بمشاريع لم تكتمل..
وأنا أتأمل من نافذة سيارة زميلي بعض أكشاك القهوة المهجورة، أقول في نفسي هنا كان الأمل كبيراً، وكان صاحب الكشك يستيقظ باكراً ليسبق الذاهبين إلى عملهم، يحرص على تكوين قاعدة كبيرة من الزبائن، كان في الأيام الأولى من الافتتاح يمسك القلم والورقة ويحسب لو بعت بكذا سأربح كذا في الشهر أجمع كذا أغطي مصاريفي وأوفّر، وربما كان يحلم بسلسلة من الأكشاك يشرف عليها كل صباح ويجني أرباحها كل مساء.. لكن السكون لم يحرك سفينة آماله ولم يجرِ عكسها أيضاَ فهجرها الربّان وقفز بعد أن غزا ذباب اليأس شباك الكشك ولم يغادرها، كُشك آخر على شكل دلّة قهوة، الكشك مصنوع من الحديد، الفكرة جميلة ولافتة وابتكارية، لاحظت قبل أيام أن غطاء الدلة قد سقط، والصدأ أخذ مجرى واضحاً مكان مصب القهوة والشوك نبت على بابها وعلى جنباتها ، نافذتها مغلقة والمكان مهجور منذ زمن .. مشروع جديد لم يكتمل على قارعة الطريق..
أكثر ما يحزن ويوجع قلب المواطن التوناتي تلك المشاريع التي لم تكتمل، أساسات بناية ظهرت على وجه الأرض بقليل لكن قد توقّف فيها البناء، أو بنايات مهجورة، بسبب عدم اكتمال بنائها أو تجهيزها، إذ صارت هذه البنايات وأغلبها مشاريع تنموية عالقة، ما يدفع أبناء المدينة اليوم للتساؤل، حول الأسباب الحقيقية التي جعلت السلطات تستمر في إغفال هذه المشاريع وتجاهلها.
يحزن المواطن التاوناتي أيضاَ أن يرى مطعماً مغلق الأبواب مغبرّ الأرضيات كراسيه مقلوبة مكتوب على بابه “المطعم للبيع” مع كامل المعدّات.. وما زال على مدخل قوس بالونات الافتتاح وبعض الزينة والقصاصات الملونة وباقات الورد، ولا بدّ أن صاحبه يحتفظ بمقطع للعراضة وتوافد المهنئين يوم الافتتاح على هاتفه الخلوي كذكرى مؤلمة لأن المشروع لم يكتمل..
في كل جماعة مشروع لم يكتمل، يتفاوت فيه الوجع والغصة من مكان لآخر، ويتناسب طردياً مع وردية الحلم وكبر حجمه وحبال الآمال المعلّقة به مع حجم وأثر وقوع الخيبة..
عندما يهرم الجسد ويُهمل تأتيه الأمراض من كل حدبٍ وصوب، تماماً كما هو حال جسد هذه الأرض العارية، لماذا كففنا عن سقايتها بما هو خيرٌ لها ولنا؟
بالمناسبة، مدينتي التي حلمت بها.. مشروع لم يكتمل أيضاَ…!