“العلاقات الرضائية”موضوع سؤال بامتحانات الباك لهذه السنة
متابعة نجيب لمزيوق
“دعا نوفل في تعليقه على تدوينة مراد إلى تجاوز مفهوم الزواج باعتباره ميثاقا تقليديا للعلاقة بين الرجل والمرأة، وتعويضه بالعلاقات الرضائية بين الجنسين أكتب فقرة من أربعة أسطر تناقش فيها دعوة نوفل مبينا موقفك منها..”.
هذا السؤال حمل رقم 9 بمادة الإسلاميات خلال امتحانات البكالوريا لجهة درعة تافيلالت يقول خالد الصمدي وهو وزير سابق:، معلقا بمنشور عنونه بـ”خمر في ثلاجة الفندق”. موردا “تابعت الجدل الذي أثير حول سؤال مادة التربية الإسلامية والذي تضمن عبارة لا علاقة لها بالتربية الإسلامية بقدر ما هي مفهوم رمى به بعض السوقة إلى سوق الاستعمال للتشويش على المفهوم الأصيل فاحشة” الزنا ” وجعله متداولا مقبولا بين الناس ، ويبدو أنهم قد أفلحوا في ذلك حتى تسرب هذا المفهوم ووجد نفسه في وثيقة تربوية رسمية موجهة إلى التلاميذ المغاربة في مادة دراسية من المفروض أن تكون الحصن الأول للمفاهيم السليمة”.
وأضاف الصمدي “إن هذه النازلة تطرح على المشتغلين بالمادة جملة من الأسئلة سواء من الناحية العلمية أو من الناحية الديداكتيكية. فمن الناحية العلمية القرآن الكريم حذر من تغيير الكلام عن مواضعه ، وأمر بتسمية الأشياء بمسمياتها خشية الخلط واللبس فقال تعالى ” وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ” وصحح الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرا من المفاهيم الخاطئة حتى لا تبنى عليها ممارسات خاطئة ومن ذلك تصحيحه لمفهوم المفلس ، حرصا منه صلى الله عليه وسلم على دقة المفهوم واستعماله في محله”.
فيما يرى الكاتب والباحث الأمازيغي احمد عصيد،ان واضعو هذا السؤال لا يتصفون ولو بقدر ضئيل من النزاهة والمسؤولية التربوية،لأنهم كذبوا على التلاميذ عندما طرحوا سؤالا يخالف مفهوم العلاقات الرضاىية التي اعتبروها تعويضا للزواج،
ويرى عصيد كذلك أن هذا التعسف ظاهر هدفه دفع التلاميذ إلى اعتبار العلاقات الرضائية شيئا مرفوضا،لأنها تمنع من الزواج،وهو تلفيق غير مقبول داخل المجال التربوي الذي ينبغي فيه تقديم معطيات صحيحة للتلاميذ حتى يتمكنوا من اتخاذ الموقف المناسب بكل حرية.
ويضيف عصيد قائلا:واضعو السؤال يتربصون بالتلاميذ الذين يعلمون ما ينتظرهم في حالة ما إذا ما فهموا المقصود بالحريات الفردية،والعلاقات الرضائية،واتخذوا مواقف ايجابية منها،حيث سيكون مصيرهم انتقام الأساتذة المصححين الذين يعرف الجميع أن معظمهم ينتمي لتيارات بإيديولوجية لا عقلانية.
فيما يرى الوزير الصمدي أنه من الناحية الديداكتيكية، سؤال التقويم ينبغي أن يكون واضحا ودقيقا من جهة حتى لا يكون الجواب محل تأويل، وينبغي أن يشتمل على أسناد معرفية موجهة وداعمة مع تقويم مدى قدرة المتعلم على توظيفها المنهجي السليم ، بالإضافة إلى تضمين مؤشرات مساعدة على التقييم تمكن المتعلم من توجيه جوابه إلى المقصود حتى لا يخرج عن الموضوع هذا بالإضافة إلى الاختصار والتركيز في الصياغة”. موضحا “وبناء عليه فإن السؤال موضوع النقاش وقعت فيه أخطاء علمية وديداكتيكية كانت سببا في إثارة كل هذا اللبس وهذا الجدل ومنها :
– اشتماله على مفاهيم لا علاقة لها بالمادة بقدر ما هي مشوشة على مفاهيمها الأصيلة وقد يكون ايرادها سببا في رسوخها في أذهان المتعلمين ومن تم استعمالهم لها في خطابهم اليومي بعد انتهاء الامتحان ، فكان الأولى أن يتم تنزيه السؤال عنها ، فقتل المفاهيم في المهد يكون بعدم تداولها ، وإحياؤها يكون باستعمالها،
– غموض العبارة نفسها فقد ورد الرضا في النصوص الإسلامية حين اعتبر القرآن الكريم الزواج والطلاق علاقة رضائية ” عن تراض منهما وتشاور ” واعتبر من شروط صحة الزواج الرضا والقبول ” فلماذا يستبدل واضع السؤال المفهوم الصحيح باللقيط في اقتحام العالم التربوي والعلمي للمادة ،
– تحديد حجم الجواب عن هذه الإشكالية ومناقشها بما تتطلبه من مضامين وحجج وبراهين حسب ما ورد في صيغة السؤال في أربعة أسطر !! فهل يعتبر هذا الحيز كافيا للكتابة في الموضوع وإبداء رأي واضح فيه ؟
– السؤال يطلب تحديد موقف المتعلم الشخصي من الممارسة ، وليس موقفه في ضوء ما يعرف من الإسلام ونصوصه ، فلو أبدى رأيه بالموافقة أو القبول لكان الجواب صحيحا في الحالتين “.
وخلص المتخصص التربوي “إن ما ورد من ملاحظات في هذا الموضوع في الشكل والمضمون لا علاقة له بتهجم على المادة ولا على واضع السؤال كما ذهبت الى ذلك بعض التعليقات التي خرجت عن أدب النقاش الواجب في مثل هذه القضايا ، بقدر ما هي تدقيقات وتنبيهات في التعامل مع مضمون مادة دراسية حساسة جدا موجهة إلى فئة عمرية هشة في تركيبها المفاهيمية والنفسية ، وهذا يقتضي كثيرا من الاحتياط في صياغة الخطاب وكثيرا من المعرفة بقواعده العلمية والديداكتيكية ، فالوضعية التقويمية للمادة هي جزء لا يتجزأ من العملية التعليمية وليست كما يعتقد البعض عملية امتحان فقط ، فلا تقحموا رحمكم الله في مضامينها التربوية والتعليمية ما لا يستقيم ، سموا الأشياء بمسمياتها واضبطوا الأمور بقواعدها حتى لا تتحمل المادة تبعات بعض أخطاء أبنائها بحسن نية”. مؤكدا “ولا تكونوا كمن دخل إلى فندق فوجد في الثلاجة خمرا وعوض أن يطلب من الخادم سحبها من غرفته ، فتحها وسكبها في الحمام فوجد ثمنها في فاتورته عند الخروج ، فلم يكن الخطأ في القصد والنية بقدر ما كان الخطأ في التصرف فتحمل مسؤوليته، وأدى ثمن خمرة لم يشربها بل ويعتقد حرمتها. وهذا ما فعله إقحام عبارة “ما يسمى زورا بالعلاقات الرضائية” في مادة التربية الإسلامية ، فأدى ذلك إلى تحمل كلفة غالية من النزاع حول مضمون ببداغوجي في مادة دراسية البحث عن تعزيز نقط الاتفاق فيها أولى من الاشتغال بالاختلاف”.