هل يستطيع فلاديمير بوتين تغيير وجه العالم

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

 

إدريس بنيحيى

لقد تسيد المشهد السياسي العالمي خلال العشرية الأخيرة إسم فلاديمير بوتين الذي حقا أستطاع أن يستفيد من مجموعة من السياقات العالمية التي عرفت تغيرا وتبدلا بحيث جنى من خلالها مكتسبات مهمة لروسيا ،واستطاع أن يعيد الدور الريادي لدولة روسيا العتيقة بتاريخها ،حيث أستفاد من الوضع التي آلت إليه الشعوب العربية في إطار ما سمي بالربيع العربي الذي عرف صراعات ومشاحنات وانقلابات .

هكذا آلت أوضاع العالم العربي وحتى المغرب الكبير بحيث أنبرت أنظمة جديدة للوجود واضمحلت أخرى بعدما عمرت طويلا حتى أصبحت ملكيات بصيغة رئاسيات وكأن الكل معمر ولن يحيد عن السلطة حتى الموت وقد يورثها لأحد من أبنائه كما وقع مع رئاسيات متعددة في أرجاء العالم العربي والأمثلة عديدة في هذا الباب.

روسيا استفادت من الربيع العربي أكثر مما استفادت منه الشعوب العربية،حيث أجج الصراع وظهرت للوجود جماعات متطرفة لا تؤمن إلا بقوة السلاح والقتل والقمع مما سهل الأمر على روسيا كدولة مصنعة للأسلحة في أن تصرفها من خلال صفقات متعددة،ناهيك عن مناطق أخرى من العالم التي تعرف صراعات وحروب واقعية ومؤجلة حتى.

فكل هذه التغيرات التي عاشها العالم كانت في صالح مجموعة من الدول العظمى وأولها روسيا حيث استطاعت أن تفرغ أزماتها الاقتصادية التي طالما تخبطت فيها منذ عهد بوليسل تسين” الذي تبنى سياسات اقتصادية لم تسعف روسيا في أن تظل دولة ذات قوة اقتصادية وسيادة عالمية ونفوذ وقوة برغم تمثيليتها العالمية وكان هذا إبان تسيد أمريكا للعالم ضاربة كل معاقل الإتحاد السوفياتي عرض الحائط من خلال شيطنة أنظمتها وحصارها اقتصاديا وفرض عقوبات عليها مما جعلها تمضي نحو التقهقر والإنحطاط،حيث أفردت أمريكا ميزانيات وميزانيات من أجل أن تحتضن معاقل الاتحاد السوفياتي سابقا أو تشيطنها وتجعلها بمعزل عن السياسات العالمية كفرض عقوبات وحصار اقتصادي عليها من أجل اختراقها.

وقد سبقت الإشارة إلى هذا ، وما كل هذه السياسات إلا تكريس لما سمي بالقطبية الواحدة التي حكمت العالم لعقود وعقود منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في تسعينيات القرن الماضي.

لكن من طبيعية التاريخ أنه غير ثابت على حال واحدة ،ويتغير ويتبدل وفق سياقات ومتغيرات متعددة ، وقد أشار إلى هذا مجموعة من الباحثين والمفكرين وأبرزهم ماركس وما وقع أخيرا في إطار الحرب الروسية الأوكرانية قد جعل العالم يعيد النظر في شتى أمور وسياسات ومعاهدات واتفاقيات وحدود …

ففلاديمير بوتين الذي قاد روسيا الاتحادية لعقدين من الزمن حقا استطاع أن يكون رجل روسيا الأول بامتياز من منطلقات ومفارقات متعددة… ،فهو الذي ٱستفاد من طبيعة الحركات المتمردة والثورية والسلفية التي خرجت بمختلف أقطار الدول العربية في إطار ما سمي بالربيع العربي أو حتى بعض المناطق الحدودية المتنازع عليها،كعلاقة المغرب بالجزائر مثلا.

ففلاديمير بوتين ٱستفاد من الحرب السورية والليبية و(اليمنية)وحتى السودانية بالإضافة إلى بعض دول الساحل الإفريقي من خلال بيع مجموعة من الأسلحة والذخائر وحتى الخدمة العسكرية فكل هذه الأمور تعتبر العصب الوركي للاقتصاد الروسي تاريخيا ناهيك عن فلاحتها وبترولها وعلاقاتها السياسية مع القوى العظمى كالصين مثلا.

وقد أتبثت مجموعة من الأخبار التي تناقلتها القنوات الفضائية والجرائد العالمية التي تعرف بنزاهتها ومصداقيتها وحتى بعض المنظمات العالمية التي تشتغل في هذا الإطار أن مجموعات من العسكر الروسي الخاص”كالڤاݣنر” الذي تم ضبط مشاركته في حروب متعددة من بقاع العالم نصرة لطرف على طرف والنصرة هنا لمن يدفع أكثر .

كل هذه السياقات والأوضاع والحروب والصراعات ساهمت بشكل أو بآخر في نمو وتسيد روسيا للمشهد السياسي العالمي ومزاحمة أمريكا في مجموعة من القضايا الدولية كالحرب السورية والليبية والنماذج كثيرة، نهيك عن البحث المستمر والدائم لفلاديمير بوتين في إعادة أمجاد روسيا الإتحادية،وهو الذي يحكى عنه بأنه مهووس بأمجاد الإتحاد السوفياتي خصوصا وأنه نهل من التجربة العسكرية لجنرالات روسيا بالإضافة إلى عمله الدؤوب والمستمر في إعادة إحياء العلاقات التاريخية التي كانت تجمع مجموعة من الدول بالاتحاد السوفياتي سابقا وإعادة الاعتبار لهذه المعاقل التاريخية التي كانت تعتبر مخلصة تاريخيا للاتحاد السوفياتي والنماذج كثيرة،غير ما ينبغي الإشارة إليه بأن انهيار الاتحاد السوفياتي اقتصاديا لا يعني أنه إنهار فكريا بل لا زال ساريا فكريا في سياسة مجموعة من الدول الاشتراكية التي ظلت مخلصة في تبنيها وإيمانها بهذا الفكر، ومهما يكن فالاشتراكية تحمل عيوبا ونواقص غير أنها تظل أرحم من الرأسمالية المتوحشة التي جعلت العالم أنانيا وبدون شفقة ولا رحمة ولا إخاء ولا حب ولا تضامن ، بقدر ما أعلت من شأن النرجسية وثقافة الأنانية.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.