فن الحضرة الشفشاونية: تراث أصيل بروح متجددة

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

 

مصطفى تويرتو

في قلب الشمال المغربي، وخصوصًا في مدينة شفشاون الزرقاء، ينبض نوع موسيقي متفرد اسمه الحضرة الشفشاونية، وهو فن نسائي صوفي عريق يعكس تداخل الروحاني بالجمالي، ويزاوج بين الإنشاد الراقي والإيقاعات المغربية التقليدية.

الحضرة ليست مجرد عرض موسيقي، بل هي طقس جماعي نابض بالحياة، متجذر في الزوايا الصوفية، حيث كانت النساء يجتمعن للذكر والإنشاد في فضاء روحاني يفيض بالإيمان والسكينة. ومع مرور الوقت، انتقلت الحضرة من الزوايا إلى المسارح والمهرجانات، حاملةً عبق التصوف ونقاء الكلمة.

ما يميز هذا الفن هو الطابع النسائي الخالص، حيث تؤدي المجموعات أدوارهن بإتقان وجمال، مرتديات الزي التقليدي الشفشاوني الذي يضفي على العروض سحرًا بصريًا وأصالة ثقافية. الكلمة في الحضرة لها قدسية، واللحن يخاطب الوجدان، مما يجعل هذا الفن قريبًا من القلوب مهما اختلفت الخلفيات.

وفي خضم هذا المشهد التراثي، برزت أسماء نسائية حملت على عاتقها مسؤولية التجديد دون التفريط في الأصالة. ومن بين هذه الأسماء، الفنانة الشابة هالة بن سعيدة، التي استطاعت أن تُحدث نقلة نوعية في فن الحضرة، بفضل رؤيتها الفنية المعاصرة، وتعلقها العميق بهذا التراث. هالة تمثل جسرًا بين الأجيال، حيث تُعرف الشباب على الحضرة وتُعيد تقديمها بروح جديدة، دون أن تُفرط في جوهرها الروحي والتقليدي.

إن تنظيم مهرجان يحتفي بالحضرة الشفشاونية هو فرصة لإبراز غنى التراث المغربي، وتمكين النساء من فضاء فني يكرّس الإبداع والتقاليد في آنٍ واحد. هو أيضًا نداء للحفاظ على هذا الكنز الثقافي، وتوفير منصات تليق به وبمن يحافظن عليه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.