خطاب الذكرى 25 لعيد العرش، مشاريع مواجهة أزمة الماء لا تحتمل أي تأخير
عادل عزيزي
بدا لافتا في الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش، مساء أمس الاثنين، تركيزه الكبير على أزمة الماء التي تواجهها البلاد، بسبب توالي سنوات الجفاف وتنامي الطلب واستهلاك المادة الحيوية، إذا اعتبرها جلالته من أهم التحديات التي تواجه المملكة وتتطلب المزيد من “الجهد واليقظة، وإبداع الحلول، والحكامة في التدبير”.
تخصيص ثلاثة أرباع خطاب ملكي تاريخي بهذه الأهمية لمعضلة الماء إشارة ملكية استثنائية تؤكد أننا سنواجه فعلا تحديا كبيرا إذا استمر التأخر في إنجاز هذه المشاريع أو في مواكبتها بالسلوكيات الاستهلاكية الملتزمة أو غياب أشكال الابتكار في حل هذه المشكلة.
كما أوضح جلالته، أن إشكالية الماء تُعَدّ من أهم التحديات التي يواجهها المغرب، خاصة في ظل الجفاف، وتأثيرات التغيرات المناخية، والزيادة الطبيعية في الطلب، بالإضافة إلى التأخر في إنجاز بعض المشاريع المتعلقة بالسياسة المائية.
مشاريع وبرامج ومبادرات ملكية كثيرة كان سيستفيد منها المواطنون لولا وجود مسؤولين رؤيتهم و عقليتهم ربما لا زالت بعيدة كل البعد عن طموحات جلالته.
من هذه المشاريع نجد المشاريع المائية الكبرى بإقليم تاونات، التي كانت تطمح إلى إيصال الماء الشروب إلى جل دواوير جماعات الإقليم 49.
لو أنجزت مثل هذه المشاريع المعطلة أو غير المستكملة الإنجاز، بطريقة سليمة وفي الوقت المحدد لها، لما استفحلت أزمة العطش بالدواوير والجماعات المعنية بها في انتظار نفض الغبار عنها وتجاوز ثغراتها وأسباب فرملة إنجازها وفتح أبحاث حول ذلك وترتيب الجزاءات القانونية حماية للمال العام وطرق تدبيره بعقلانية.
في هذا الخطاب صارح جلالة الملك المغاربة بحقيقة تحتاج إلى يقظة ضمير فـ”أمام الجهود المبذولة، لتوفير الماء للجميع، علينا أن نصارح أنفسنا، بخصوص عقلنة وترشيد استعمال الماء: لأنه لا يعقل أن يتم صرف عشرات الملايير، لتعبئة الموارد المائية، وفي المقابل تتواصل مظاهر تبذيرها، وسوء استعمالها.
و هذا أيضا يجرنا الى طرح سؤال كبير و عريض عن كيف ستتعامل السلطات المختصة مع ظاهرة استنزاف الماء من طرف حقول “الكيف”..؟، لأن إدارة الموارد المائية بفعالية تعتبر عنصرا ضروريا لضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، لذلك يؤكد جلالة الملك على أهمية التخطيط الجيد والإدارة الحكيمة للموارد المائية، مشدداً على ضرورة تنفيذ البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي.
فالحفاظ على الماء مسؤولية وطنية، تهم جميع المؤسسات والفعاليات، وهي أيضا أمانة في عنق كل المواطنين.
ضرورة الحزم واليقظة، يقول جلالته “وإننا ندعو السلطات المختصة، للمزيد من الحزم في حماية الملك العام المائي، وتفعيل شرطة الماء، والحد من ظاهرة الاستغلال المفرط والضخ العشوائي للمياه. كما ندعو بقوة، للمزيد من التنسيق والانسجام، بين السياسة المائية والسياسة الفلاحية، لاسيما في فترات الخصاص، مع العمل على تعميم الري بالتنقيط”.
نحن هنا أمام تشخيص دقيق بدأه جلالة الملك بإشارة ضرورية إلى أن مشكلة الماء لا ترتبط فقط بالاعتبارات الطبيعية والمناخية والاستهلاكية بل تتعلق أيضا “بالتأخر في إنجاز بعض المشاريع المبرمجة، في إطار السياسة المائية”.