فلاش24/ حبيب سعداوي
في جماعة بني وكيل بإقليم الفقيه بن صالح ، تتكشف أبعاد مأساوية لما يسمى بـ”الاستثمار”، حيث يجد ذوو الحقوق أنفسهم أمام عملية إنتزاع ممنهج لأراضيهم السلالية دون علمهم أو مشاركتهم في خرق صارخ للقوانين المنظمة للأراضي الجماعية.
مؤخرا ، شهد دوار لشهب تفويت ما يقارب مئة هكتار من الأراضي السلالية لفائدة مستثمرين خواص دون إستشارة ذوي الحقوق أو هيئتهم التمثيلية ، كما أفادت الساكنة المحتجة بمؤازرة الشبكة المغربية لحقوق الإنسان ، ما جعل القضية عنوانا للجدل القانوني والحقوقي حول الشفافية والمشروعية.
بإسم الإستثمار ، تنتزع الأرض ويجرد أصحابها من حقهم التاريخي في أرض الأجداد ، ويطرح السؤال عن مدى إحترام الظهير المنظم للأراضي السلالية لسنة 1919، بما في ذلك المساطر المتعلقة بالتعويض العادل والمشاركة المجتمعية.
كيف يمكن تمرير هذه التفويتات دون تمكين أصحاب الحقوق من الإطلاع على العقود والإتفاقيات؟ ، وأين الحق في المعلومة الذي يكفله الدستور المغربي؟
ويزداد الوضع خطورة مع الشروع في حفر ثقب مائي بالقرب من البئر الذي يروي عطش الساكنة ، في منطقة أصبحت مهددة بنذرة المياه بسبب انتشار الضيعات الكبرى لأصحاب المال والنفوذ ، ما تسبب في تهجير ونزوح قسري للسكان نحو المدن…هذه الخطوة تضاعف معاناة الساكنة وتطرح تساؤلات حول حقهم في الماء كحق أساسي من حقوق الإنسان ، في حين تستنزف مواردهم الطبيعية لصالح مصالح محدودة.
إن تفويت الأراضي بهذا الشكل ، مع تهديد مصادر المياه ، يشكل خرقا واضحا لمبادئ العدالة الإجتماعية وحقوق الملكية الجماعية ، ويضع السلطات أمام مسؤولية حماية الحقوق الأساسية للساكنة…فهل التنمية تبرر إنتهاك الحقوق؟ ، وهل يمكن إعتبار ما يجري شكلا من أشكال نزع الملكية لأجل المنفعة العامة ، في ظل إستفادة جهات محدودة؟
وتتصاعد الدعوات الحقوقية إلى تدخل عاجل من وزارة الداخلية بصفتها الجهة الوصية ، لفتح تحقيق نزيه وشامل حول ظروف هذه التفويتات ، وتحديد المسؤوليات الإدارية والقانونية ، مع إحالة الملف على المجلس الأعلى للحسابات قصد إفتحاص جميع العقود والصفقات المرتبطة بالإستثمار على الأراضي السلالية ، لضمان الشفافية وحماية المال العام والملكية الجماعية. الأرض والماء ليستا مجرد موارد ، بل هما ذاكرة وهوية وحق لا يسقط بالتقادم ، وصونهما هو صون للكرامة قبل أن يكون دفاعا عن الملكية والحق في الحياة…يتبع